"قلب تائه وعقل مدبر"
العقل/
أما يكفيك يا قلب كل هذا الخراب الذي تَحل به كل ثانية؟
أما تريد أن تستقيم وتُفكر ولو لبرهةٍ في الأمور؟
حنيتُكَ زائدة في مواقف لا تستدعي منك ذلك، تَعلّم كيف تكون قاسيًا حتى إن لم تكن كذلك؛ فعليك بالتظاهر كي لا تُصبح فريسةً سهلة يستطيع كل من يمر التأثير عليها وعلى مزاجها، أسلوبك غير لائق عندما تحزن وتيأس على أشياء عابرة لا تدوم، ورغم أنك تعلم أنها لا تدوم تحزن وتبكي؛ فكم أنك ضعيف أيها القلب، رغم أنه لولا ضخات دمِك لعانى الكثير، وبرغم سلطتك ومقامك لا تريد البقاء قويًا، تَعلّم أيها القلب أن تتحكم في دقاتك، وأن تصمد حتى وإن كان الصمود شاقًا عليك؛ فوجب عليك التجلد، وأن تكون شجاعًا؛ فليس أي شخص وموقف يستحق دقاتك السريعة التي تساوي الكثير.
القلب/
أخي العقل، أتظن أنني لم أُحاول أن أكون مثلك؟
أواجه الأمور ولا أجعل من السهل على أي شيء التأثير بي لكني لم أستطع البقاء قاسيًا؛ لأنه أمر شاق كي أفعله؛ فأنا القلب، خلقني اللَّه رحيمًا عطوفًا، أشعر بالأناس وأحزن وأسعد لأجلهم أيضًا، أعلمُ أن حنيتي زائدة، وأنني فى بعض الأمور أُهدر دقات قلبي على أشياء وأشخاص لا تستحق، لكن ما العمل!
فأنا لا أملك سوى ذلك الطبع، تخيل لو أصبحت مثلك صامدًا وقاسيًا، فما العمل بعد ذلك!
سنُصبح في عالم يملؤه الجمود والقسوة، أعلم أنني أُخطئ وأحن في مواقف لا تستدعي ذلك، لكن لا بأس؛ فما ذاك سوى طبع زرعه اللَّه بي كي أكون عطوفًا حتى وإن توجعت فى بعض المواقف؛ بسبب طبعي وحنيتي، فتوجد مواقف أيضًا أفرح بسبب عطفي وكرمي ودقاتي اللامتناهية التي لا أستطيع التحكم بها؛ لأنني إذا أحكمت دقات قلبي ستُصبح أنت بلا فائدة، لكنها رحمة اللَّه بِنا.
وهكذا الوضع بين قلبٍ تائه يرى أنه صواب في بعض الأحيان وخطأ في أحيان أخرى، وعقلٍ مدبر يعيش في جمودية، يريد أن يسيطر على القلب، وتأتي الحرب بين عقل يعلم الحقيقة وقلب يرفُضها؛ بل يريد أن يُقنع العقل بما يراه، لكن العقل لا يتقبل الفكرة؛ لأنه يعلم علم اليقين أنه المدبر الواعي بالحقيقة، والقلب يرفض نظرة العقل حتى لو رأى أنه صواب؛ لكنه لا يريد أن يخضع لِمَ يقوله عقله، وستبقى نارًا مشتعلة بين قلبٍ تائه وعقلٍ مدبر.
بقلم/ إسراء خورشيد
ربنا يوفقك يا رب يا حبيبتي ❤️🌏
ردحذف