لو كان للدنيا قيمة؛ فلأنك تشتري بها الجنة، هذه وظيفة الدنيا لا أقول عند الأتقياء، بل عند العقلاء.
•••
_يا بنتي حرام عليكِ اللي بتعمليه فينا وفي نفسك دا، أنا مش قولتِلِك مليون مرة ابعدي عن البنت اللي أنتِ متصاحبة عليها، دي واحدة مش كويسة.
_ماما، لو سمحتِ مش أنتِ اللي هتقوليلي أصاحب مين ومصاحبش مين، أنا مش صغيرة، وعارفة مصلحت نفسي، أنتِ مش هتبقي عارفة مصلحتي أكتر مني.
_تقوى، إيه الكلام اللي بتقوليه دا؟ إياكِ تاني مرة تعلي صوتِك على ماما كدا، أنتِ فعلًا يا خسارة تربية ماما فيكِ، تربيتها اللي مطمرتش فيكِ وروحتِ لوثتيها بأفعالك الطايشة، صدقيني بكرا هتندمي.
_بصتلها باستهزاء وقُلت: بلاش أنتِ أحسنلك تدخلي وعارفة إنك من جواكِ طايرة من الفرح دلوقتي يا ست الشيخة، خليكِ في نفسك يا..يا بايرة.
_لقيت الدموع اتكومت في عنيها وبصتلي بخذلان، مش عارفة دموعها دي وجعت قلبي ليه؟ حسيت إني لازم أعتذر منها، مكنش ينفع أقولها كدا مهما كان دي أختي، وأنا في عز تفكيري في اللي قولته لأختي لقيت قلم نزل على وشي فوقني من شرودي، بصيت لماما اللي ضربتني، بصتلها وأنا مصدومة، دي أول مرة تعملها، أول مرة تمد إيديها عليا.
_أنا فعلًا معرفتش أربي، أنتِ من النهاردة لا أنتِ بنتي ولا أعرفك لحد ما تتغيري وتفوقي من اللي أنتِ فيه، يا خسارة تربيتي فيكِ، يا خسارة تربيتي فيكِ.
_دخلت أوضتها وهي عمالة تردد: "يا خسارة تربيتي فيكِ"، وببص لأختي اللي واقفة والدموع بتجري على خدها زي حبات المطر وهي بتتسابق مين تنزل الأول، ولقيت في عنيها نظرة انكسار ووجع وخذلان، كل الحاجات دي شوفتها في عيونها من ناحيتي، وكأنها بتقول مش هي دي تقوى أختي اللي اتعاهدنا أنا وهي نكون سند لماما من بعد وفاة بابا الله يرحمه، مشيت بهدوء ودخلت أوضتي وقفلت على نفسي وقعدت على السرير حطيت الهاند فري في ودني وشغلت أغاني وبعت مسدج لمنة صاحبتي، مش عارف ماما وأختي شايفنها وحشة ومش كويسة ليه؟ كتير حاولوا يبعدوني عنها، بس أنا ما شوفتش منها حاجة وحشة عشان أبعد، هي اللي بتفهمني، وهى اللي مأيدة معايا في نقطة إني أعيش سني واتبسط، هي كدا تبقى وحشة؟!
_اتكلمت أنا وهي وحكتلها على اللي حصل بيني وبين ماما وشهد أختي، لقيتها ردت وقالتلي:
_عادي فكك منهم، وأختك شهد دي عايزة تفرض نفسها عليكِ علشان هي الكبيرة وعلشان أنتِ أحلى منها، عايزة تخلق مشاكل بينك وبين مامتك علشان تبقى هي الطيبة الغلبانة وأنتِ الوحشة والشريرة.
_بصراحة مقتنعتش بكلامها في الأول، شهد أختي مش وحشة كدا، شهد طول عمرها عايزاني أبقى أحسن منها، وكتير حاولت تنصحني بس أنا مكنتش بسمع منها وبنفض، وزن منة فوق وداني وإن أعيش سني وبعدين أبقى ألتزم بس أعشلي يومين الأول، بعدين!! بعدين دا إمتى؟ وهو حد ضامن عمره؟
وفضلت دماغي تودي وتجيب وأفكر في كلام شهد وماما ليا عن الالتزام بالزي الشرعي، بس هم مكنوش عاوزني ألبسه غصب عني أو عن عدم اقتناع، هم كانوا بيفضلوا يتكلموا معايا عنه وعن الالتزام بيه، فضلت أفكر في كلامهم، بس في الآخر الشيطان شاطر وعرف يلعبها معايا، نفضت كل الأفكار دي من دماغي ونمت.
_صحيت تاني يوم، قُمت ولبست ومشيت على جامعتي من غير ما أكلم شهد أختي اللي حاولت معايا أفطر قبل ما أنزل، ودا كله كان تحت أنظار ماما اللي قالت لشهد أختي من غير ما تبصلي، وهتبصلي إزاي بعد اللي حصل امبارح والكلام اللي أنا قولته؟
_خلاص يا شهد اللِ عايز ياكل ياكل، متتحيليش على حد.
_نزلت وأنا مضايقة جدًا من معاملة ماما ليا وعدم كلامها معايا وتجاهلها ليا.
_وقفت تاكسي وروحت الجامعة وقبلت منة هناك وقولتلها على تجاهل ماما ليا وإن دا ضايقني، وكالعادة حاولت تطلع شهد وماما وحشين في نظري، وأنا كالعادة بردو زي الهبلة بسمع كلامها وإنهم مبيحبونيش وبيكرهوني.
_خلصت المحاضرات اللي كانت عليا وروحت البيت لقيت ماما في أوضتها بتصلي العصر وشهد قاعدة على الركنة في الصالون بتقرأ قرآن بصوتها الجميل، شهد أختي ما شاء الله عليها صوتها حلو أوي، سمعتها بتقول آية قشعرت جسمي:{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ.{٩١}. فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ.{٩٢}. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ.{٩٣}.،[سورة الحجر_الآية من ٩١ إلى ٩٣].
_قالتها بصوت خاشع جدًا اخترق قلبي، مشيت ودخلت أوضتي وأنا بفكر، هو أنا مقرأتش قرآن من إمتى؟ أنا بيتهيألي من يوم بابا ما توفى أنا مفتحتش المصحف، أنا كنت خاتمة القرآن دا، إزاي نسيته كدا ونسيت إنه ونيسي في القبر، دا أنا بخاف من الضلمة العادية أمال في ظلمة القبر وأنا لوحدي هعمل إيه؟ مش هيبقى معايا حد ساعتها، هبقى أنا لوحدي، لوحدي بس من غير صحاب ومن غير أهل، وصحيح أنا عملت إيه في حياتي؟ لمّا ربنا يجِي يسألني هقوله إيه؟ هقوله كنت بعيش سني وبعد كدا كنت هتوب؟! ولا هقوله إن صُحبة السوء هي اللي ضيعتني؟
يـــــاه، هو أنا طلعت وحشة وبعيدة عن ربنا لدرجة إني أنسى ونيسي في القبر ونسيت إرضاء ربنا؟
يا ترى شكلي إيه قدام ربنا دلوقتي؟ أكيد ربنا غضبان عليا علشان أنا عصيته، عصيته كتير أوي وأنا مش حاسة، إزاي كنت بنام بسمع أغاني؟ إزاي مفكرتش في إني أنام في يوم ومصحاش؟
يارب سامحني، يــــارب.
_نمت من كتر التفكير، بفتح عيني لقيت نور قوي ضارب في عينِي، غمضت عيني على طول علشان أتحشى النظر للنور دا، بس فجأة سمعت حد بينادي عليا، ثانية! دا..دا صوت بابا، أيوة دا صوت بابا، الصوت الوحيد اللي مقدرش أنساه، فتحت عينِي براحة لقيت واحد لابس عباية بيضة أوي وعلى راسه طاقية بيضة ووشه منور، قربت منه، لحظة! دا بابا، هو بيعمل إيه هنا؟! قربت منه أكتر وأنا فرحانة إني شايفاه، قربت لقيته قاعد على الأرضية، إيه دا! دا قاعد على الهوا! بصيت تحت رجلي بصدمة لقيت نفسي واقفة على الهوا، دا أ
إزاي؟ بصيت لبابا لقيته ماسك مصحف في إيده وقاعد يقرأ فيه، ناديت عليه وقُلت:
_بابا، احنا بنعمل إيه هنا؟ وبعدين أنا جيت هنا إزاي؟!
_لقيته بصلي وعيونه فيها حزن وقالي: أنا اللي جيبتك هنا، جيبتك علشان أعرفك غلطك يا تقوى، علشان أفوقك يا بنتي قبل فوات الآوان، ليه ضيعتِ نفسك يا بنتي؟ ليه عملتِ في نفسك كدا؟ أنا قصرت معاكِ في حاجة؟ ومامتك وأختك قصروا معاكِ في حاجة؟ ليه بعدتِ عن ربنا يا تقوى؟ ليه جريتِ ورا متاع زائل يا بنتي؟
شدني من إيدي علشان أقعد، قعدت قدامه وأنا ببصله بدموع، لقيته كمل وقال:
_أنتِ عارفة يا تقوى! لمّا كنت بسيب فرض من فروض ربنا كنت بحس إن في حاجة ناقصة فيا، حاسس إني مش مرتاح، ويـا ســــلام بقى لمّا كنت بصلي الفرض في وقته ساعة ما ربنا يناديني، أثمن لحظة في الحياة يا بنتي، لحظة ما ربنا ينادي عليكِ، لحظة وأنتِ واقفة قدام ربنا، لحظة أول ما بتنطقي الله أكبر بتحسِ إن جبال من الهموم انزاحت من على قلبك، أنا شوفت منظر الناس اللي مكنتش بتصلي ومبتلبيش نداء ربها يا تقوى، الناس دي دلوقتي ساجدين على نار جهنم بيصرخوا، واللي كانوا بيسمعوا أغاني ودانهم بتشر دم، النار بتاكل فيهم، بيتمنوا من ربنا لحظة يرجعوا فيها للدنيا علشان يتوبوا، بس هما خلاص فات آوانهم، هما معرفوش يلحقوا نفسهم ويتوبوا، الحقي نفسك يا بنتي قبل ما القطر يفوت بيكِ وتنسي آخرتك، الدنيا فانية يا تقوى، فانية يا بنتي.
_بكيت بهستيريا وأنا بسأل بابا عامل إيه، لقيته ضحك في وشي وقال: أنا الحمد لله في جنات ونعيم، لقيت كل عمل صالح عملته في دنيتي شفعلي، كل فرض أديته شفعلي، كل خطوة خطيتها للمسجد شفعتلي، كل وضوء اتوضيته عشان ألبي نداء الملك الأعلى شفعلي، كل ذكر لساني نطق به شفعلي، غير شفاعة محمد بن عبدالله رسول الله ورسولنا الكريم ﷺ، أنا مبسوط هنا يا بنتي، من لحظة ما رجلي خطت في الجنة نسيت، نسيت كل من أذاني بكلمة، نسيت كل تعب، نسيت كل شقاء الدنيا، لقيت متاعي في الجنة، لا شقاء فيها ولا تعب، فيها شجرة سدرة المنتهى أكبر شجرة في الجنة بتظلل تحت ظلها، فيها ربنا بيلقي علينا السلام، فيها الأنهار الأربعة: (نهر اللبن، نهر الخمر، نهر العسل، نهر الماء)، لقيت فيها جدك وجدتك وكل غالي عليا الموت أخده مني وكان نفسي أشوفه، عارفة الجنة هنا مصنوعة من إيه؟! عبارة عن بناء مصنوع من الذهب والفضة، وترابها من المسك والزعفران، وحصباؤها (الحجارة) من اللؤلؤ والياقوت، ربنا وصف النساء في الجنة بالحور العين كإنهم من الياقوت والمرجان كأمثال: اللؤلؤ المكنون، نساء جميلات ناعمات أعطهن الله شبابًا دائمًا وجمالًا لم تره قط عين وعلى رؤوسهن تيجان وثيابهن من حرير، مفيش ملل في الجنة من الأشكال والأطعمة ولا الأماكن؛ فهي في تجدد مستمر لتزداد جمالًا {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}{سورة الكهف_الآية ١٠٨}، هنا يا بنتي لقيت نتيجة اللي عملته في حياتِي، الدنيا دي اختبار والنتيجة الآخرة، ارضِ والدتك وأختك يا تقوى، ارضيهم عشان ربنا يرضى عنك، ارجعي لربك وتوبي يا بنتي، توبي.
_ربنا هيسامحني وهيتقبلني؟
_لقيته ابتسم بسمة جميلة أوي وقال: إن الله غفور رحيم، إن الله غفور رحيم، توبي أنتِ وملكيش دعوة.
_فضلت أعيط وبصيت لبابا لقيته رجع يقرأ قرآن وبيردد: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ.{٤٥}. ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ.{٤٦}. وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانّا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ.{٤٧}. لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ.{٤٨}. نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.{٤٩}. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ.{٥٠}.[سورة الحجر: ٤٥_٥٠].
_فضل يردد في الآيات دي ويبعد، وكل ما يبعد صوته يختفي، وأنا فضلت أبكي بهستريا وأنادي عليه أنه ميسبنيش، وحسيت الآيات اللي رتلها مسحت على قلبي، ولقيت نفسي تلقائي بردد دعاء التوبة { اللهم أنتَ الملك لا إله إلا أنتَ أنتَ ربِّ، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنتَ واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنتَ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنتَ، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك، استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه توبة عبدٍ ظالم، لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا نشورًا}.
_صحيت مفزوعة من النوم على هزات شهد ليا في كتفي اللي أول ما شوفتها اتكومت الدموع في عيني واترميت في حضنها وبكيت، بكيت وكإني مبكتش قبل كدا، بكيت ندم على كل معصية ارتكبتها، بكيت على عدم سماعي لنصايح أختي وأمي، بكيت وأنا مقررة أبقى إنسانة تانية خالص، إنسانة هدفها إرضاء ربنا وبس، شهد اتصدمت من اللي أنا عملته، بس تداركت الوضع وشدتني لحضنها أكتر وفضلت تملس على ضهري وتقرأ آيات من القرآن وتهدي فيا، وأنا ما عليا غير البكا وإن أضمها ليا أكتر وكإني خايفة تسيبني.
_خلاص يا قلبي اهدي، دا كان مجرد حلم.
_أنا شوفت بابا يا شهد، شوفت بابا وعمل اللي أنتِ وماما مقدرتوش تعملوه معايا، أنا آسفة، آسفة ليكِ ولماما، آسفة إني أذيتكم بالكلام وغلطت في حقكم، سامحيني يا شهد علشان خاطر ربنا، أوعدك والله هتغير، هتغير خلاص، هتشوفوني تقوى تانية خالص، هعمل كل حاجة ترضي ربنا وتخليه راضِ عني، مش هعصيه تاني أبدًا، مش هعصيه.
_شهد حاولت تهديني، وفجأة لقيت ماما اللي كانت واقفة عند باب الأوضة، لقيتها جريت عليا وشدتني من حضن شهد لحضنها وفضلت تبوس في وشي وراسي وأنا حضنتها وشددت من حضنها وقولت:
_أوعدك يا ماما إن هخليكِ فخورة إني بنتك.
_مرت الأيام وأنا بعدت عن منة بعد ما نصحتها إنها تتغير وترجع لربنا قبل فوات الآوان، التزمت بالزي الشرعي، وعلاقتي بقت أحسن وأقوى بيني وبين شهد وماما، وبقيت أحكي لشهد على كل حاجة الصغيرة قبل الكبيرة، اتغيرت ١٨٠ درجة، بقيت أنزل للمسجد مع شهد لحفظ القرآن الكريم، وحافظت على قيام الليل واعتبرته فرض سادس ليا، وشهد اللي اتقدملها إمام مسجد والشيخ اللي كان بيحفظنا القرآن أُعجب بشهد وبأخلاقها ومداش لنفسه فرصة إنه يتكلم معها اتقدملها على طول، وماما اللي رحبت بالفكرة جدًا لأخلاقه.
_معلش يا تقوى ممكن تروحي للشيخ إلياس يسمعلك علشان أنا عندي مشوار مهم، هسمع لشهد وأمشي.
_ابتسمتله وهزيت راسي وأنا غاضة بصري، شاورلي على الشيخ إلياس وأنا روحتله وهو قعد يسمع لشهد.
_روحت وقعدت في جمب عبال ما البنت اللي كانت بتسمعله تخلص وأنا أسمع بعدها، خلصت وقامت وأنا قعدت مكانها قدامه وسمعت وبعد ما خلصت لقيته بيبتسم وبيقول:
_ما شاء الله، بارك الله فيكِ، ترتيلك للقرآن جميل جدًا.
_ومرت الأيام وشهد والشيخ محمد اتجوزوا وخلفوا بنت زي القمر.
_تقوى يا حبيبتي.
_نعم يا ماما؟
_في عريس متقدملك يا حبيبتي، إيه رأيك نقابله ونقعد معاه رؤية شرعية؟
_مين يا ماما؟
_أنتِ عارفاه.
_رديت وأنا مستغربة: عارفاه! مين هو؟!
_الشيخ إلياس.
_إيــــــه! دا بجد؟ الشيخ إلياس اللي طلبته من ربنا في قيام الليل؟! اللي داعيت ربنا إنه يجعله من نصيبي ويكتبلي الخير فيه ويجمعني به في الحلال لو ليا خير فيه؟! يــــارب قد إيه أنتَ عظيم، دا كان كلام قولته جوايا وأنا مش مصدقة عظمة ربنا.
_إلياس جه واتقدملي ووافقت بعد ما صليت استخارة ولقيت نفسي مرتاحة، والنهاردة خطوبتنا وكتب الكتاب عشان ناخد راحتنا في الكلام من غير ما يبقى علينا ذنب.
_بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير.
_لقيت نفسي في حضن إلياس اللي همس وقالي: مبارك عليا اللي كانت دعوة ثابتة في كل صلاة، مبارك عليا اللي كانت حلم وسعيت علشان أوصله، مبارك عليا أعظم انتصار في حياتي، مبارك عليا اللي طلبتها من ربنا في الدنيا وطلبت منه إنه يجمعني بها في الآخرة رافضًا حور العين لأجلها هي.
_عيطت وشددت على حضنه، دلوقتي بقينا مرتبطين ببعض بميثاق متين وقوي ألا وهو _الزواج_، بعدني وباس راسي والمعازيم بركتلنا ودعتلنا بالحياة السعيدة، وقررنا أنا وإلياس الفلوس اللي هنعمل بيها فرح نطلع بيها عمرة أفضل مليون مرة من الفرح.
_كنت واقفة في المطبخ بعمل كوبايتين الشاي بالنعناع بتاعتي أنا وإلياس اللي لازم نشربها يوميًا مع بعض من يوم ما اتجوزنا وبقينا في بيت واحد، حسيت بحد ورايا ابتسمت وقُلت وأنا بقلب الشاي:
_مش هتبطل الحركات دي بقى؟
_نفخ بضيق وقال: هو أنا مبعرفش أخضك أبدًا.
_ابتسمت ولفيتله وقُلت: عايز إيه؟
_ابتسم هو كمان وقال: جيت أناديكِ وأقولك يلا عشان أسمعلك أنتِ وسليم ورد النهاردة.
_حاضر، هجيب الشاي جوايا.
خدت الشاي وطلعت لقيت سليم ابني قاعد قدام إلياس علشان يبتدي يسمعله، روحت وقعدت جمبه واستنيته لمّا سمع، وبعدين سمعت بعده، وبعد ما إلياس سمعلنا أنا وسليم سمعناله، هى دي عادتنا كل يوم نحفظ ورد من القرآن ونسمعه لبعض، شعور حلو أوي لمّا تبقى قاعد في وسط عيلتك الصغيرة وأنتوا بتتسابقوا في طاعة الله وإرضائه.
_إلياس، هو أنا لسه دعوة ثابتة في كل صلاة؟
_كُنـتِ أنـتِ دُعائـي فـي قيامـي، دُعـاء كـلّ سجـدة، دُعـاء كـلّ قطـرة مـاء سقطـت مـن السمـاء مُحملـة بالاشتيـاق إلـى الأرض، ولا
زِلـتِ ساكنـة فـي ثنـايا قلبـي، و مازلـتِ دُعـاء كـلّ صـلاة.
#تمت
#ريهام_ناجي