جريدة لَحْنّ

رئيس مجلس الإدارة / عبير محمد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

اسكريبت#الـتـوبـــة بقلم الكاتبة ريهام ناجي. |جريدة لَحْن الأدبية والأخبارية


#بـقـلـم_الـكـاتـبـة-ريـهـام_نـاجــي


استبقوا الخيرات، وبادروا قبل أن تتمنّوا المهلةَ، وهيهاتَ هيهات، ولا تغترّوا بحياةٍ تقود إلى الممات، لا يُرى في حُشودِها إلّا الشتات، ولا يُسمَع في ربوعِها إلّا فلان مرِض وفلان مات.



ـ بص ياض الجمدان اللي داخل علينا دا. 

ـ اوباااا، دي طلقة. 

ـ هتف بتلك الكلمات شبان يقفان على بوابة الجامعة الخاصة بهما. 

ـ ولجت الفتاة الموجهة إليها الحديث إلى الجامعة، وهناك بسمة ترتسم على محياها بعدما استمعت إليهما وهما يتحدثان عن جمالها. 


"تعريف الشخصيات"


ـ جميلة عبدالحميد، 22 عامًا، تدرس بكلية التجارة، متوسطة القامة، وشعرها الغجري أسود اللون، تمتلك كل شيء من الجمال، عائشة حياتها كما يقولون بالطول والعرض، وتعرفت على شلة فتيات وشباب بالجامعة، وتتحدث مع شباب الجامعة بلا وجه ولا حساب، وإذا رآها أحد من الشباب يتغزل في جمالها وجسدها وهي تسعد كثيرًا عندما ترى شاب يتغزل بها، وترى نفسها على فتيات الجامعة بأنها أجمل منهن، وتتعرض لهذا الموقف يوميًا وهي ذاهبة للجامعة وعند عودتها للمنزل. 

ـ هتفت في نفسها عندما توقفت ورأت الفتيات المرتدية ما يرضي ربها من نقاب وخمار وغيرهما من الملابس الفضفاضة. 

ـ بجد أنا بستغرب من البنات اللي معانا في الجامعة، إيه اللي هم لابسينه دا؟ لابسين شوال، إيه القرف دا، ليه مش يعيشوا سنهم ويلبسوا ويخرجوا ويتبسطوا ويعيشوا حياتهم؟ 

ـ اتجهت إلى الشلة المُتعرفة عليها، إلى حيثُ أصدقاء السوء. 

ـ هتف أحد الشباب القابعين: البطل بتاع الشلة وصل. 

ـ هتف صديقًا آخر: أيوة يابا يا جمدانك. 

ـ هتفت جميلة بداخلها قائلة بغرور وكبرياء: طبيعي لازم أتغر، أي بنت مكاني هتسمع الكلام دا هتتغر في نفسها. 

ـ اتجهت إليهم جميلة هاتفة: هاي شباب. 

ـ أردف أحد الشباب ويدعى مازن: إيه يا بطل، في حفلة بكرا كدا على الضيق، هتيجي ولا لا؟ 

ـ ردت عليه جميلة هاتفة: شور، بالتأكيد جاية. 

ـ هتفت سلمى صديقتها المقربة: أوووه، شكل الحفلة هتبقى نار. 

ـ رد عليها أحد الشباب بغمزة شهوانية: مش معانا بطل الشلة؟ لازم تكون حلوة. 

ـ هتفت جميلة وهي ذاهبة إلى قاعة محاضراتها: طيب يا شباب أنا هروح المحاضرة وبعدين هجلكم. 

ـ أردف مازن وهو ينظر إلى جسدها بنظرات شهوانية: طلقة بنتل.. إيه. 

ـ هتفت جوري وهي إحدى صديقات جميلة ولكنها تغار منها: عادية على فكرة مش حلوة ولا حاجة، في بنات أحلى منها. 

ـ رد عليها أحد الشباب بغمزة: وأنتِ مالك يا جوري، غيرانة منها ليه؟ علشان أحلى منك؟ 

ـ قهقه الجميع عليها بشدة. 

ـ هتفت جوري بغضب وغيظ: لا مش علشان أحلى مني، وأنا أحلى منها على فكرة، بس أنتوا اللي معندكمش نظر. 

ـ رد عليها أحد الشباب هاتفًا: هو في حد بيشوف نفسه وحش يا جوري؟ ما طبيعي هتشوفِ نفسك أحلى واحدة. 

ـ هتفت سلمى التي كانت قابعة تستمع لحديثهم: خفي غيرة شوية يا جوري، غلط على صحتك. 

ـ ردت عليها جوري بغضب هاتفة: وأنتِ مالك يا سلمى، بتدافعِي عنها عشان صاحبتك؟ وبعدين إزاي أنا مستغربة أصلًا مبتغريش منها إزاي؟! 

ـ هتفت سلمى بلا مبالاة: وأغير ليه وأنا متصالحة مع شكلي؟ 

ـ انتهى اليوم وانتهت جميلة من محاضراتها وذهبت إلى منزلها، وأحضرت لها بعض الطعام وتناولته، ولجت إلى غرفتها واتجهت إلى فراشها وغطت في سبات عميق.

ـ في صباح اليوم التالي استيقظت جميلة من نومها، ودلفت إلى المرحاض، وأعدت نفسها وارتدت ثيابها التي كانت عبارة عن بنطال من الجينز الضيق، وقامت بتشمير أرجله من الأسفل ليتبين جزء من ساقيها، وارتدت عليه بلوزة قصيرة للغاية "على الكمر"، وارتدت حجابها الذي كُشف عن خصلات شعرها من الأمام. 

ـ ذهبت جميلة إلى الجامعة، وكعادة كل يوم الكثير من المغازلة والمعاكسة من أول ولوجها من باب المنزل حتى عودتها مرة أخرى، وصلت إلى الجامعة، واتجهت إلى أصدقائها وحيتهم قائلة: هاي شباب. 

ـ ردوا جميعًا عليها: هاي. 

ـ أكيد جاية الحفلة النهاردة؟ 

ـ أردف بها أحد الشباب والذي يُدعى مازن. 

ـ ردت جميلة عليه هاتفة: شور. 

ـ طيب هنستناكِ. 

ـ قالها مازن وهو يغمز لصديقه، ذهب كلًا منهم إلى محاضراته. 

ـ هتفت جميلة بعدما ذهبوا: يلا احنا يا سلمى نروح المحاضرة بتاعتنا. 

ـ سلمى: يلا. 

ـ حضروا المحاضرة، وبعدما انتهوا ذهبوا في طريقهن إلى منزلهن، رأت جميلة في طريقها هي وسلمى فتاتين يرتدن ملابس فضفاضة، كانت واحدة منهن ترتدي نقاب وواحدة ترتدي خمار، واقفتين في الطريق تضحكن وتمزحن مع بعضهن البعض.

ـ هتفت جميلة بعدما رأتهن: الله، ما طلعوا بيضحكوا أهو، طب ليه كنت مفكراهم مُعقدين؟ قد إيه شكلهم حلو أوي في اللبس دا؟ مع إنه واسع ومداريهم وشكلهم كيوت أوي، أنا ليه مَلبسش زيهم؟ أكيد هبقى حلوة كدا، مع جمالي دا أكيد أي حاجة هبقى حلوة فيها.

ـ فاقت من شرودها محدثة نفسها بدهشة من حديثها السابق: إيه دا، ايه الكلام اللي أنا بقوله دا؟ معقول أنا ألبس كدا! إيه القرف دا؟ مستحــيـل.

ـ وظلت تسخر وتسخط منهن، وأبعدت الفكرة عن عقلها، وأكملت في طريقها المنزل. 

•••••
ـ ألو يا مازن، أنا جاية أهو، إيه؟ طيب خلاص تمام، أنا أصلًا راسي كانت مصدعة ومش قادرة آجي. 

ـ أردفت جميلة بتلك الكلمات عبر الهاتف لمازن صديقها بالجامعة، الذي أخبرها أن الحفلة التي سيذهبون إليها أُلغيت؛ بسبب مرض صاحب الحفل، وقام بتأجيلها ليومٍ آخر. 

ـ في صباح اليوم التالي استيقظت جميلة وتجهزت للذهاب إلى الجامعة، كانت واقفة أمام خزانة ملابسها، تختار منها ثيابها التي سترتديها، جال بخاطرها: لِمَ لا ترتدي ملابس فضفاضة كتلك الفتيات التي تراهم في الطريق والجامعة وغيرهما؟
 بحثت بالخزانة عن ملابس فضفاضة ترتديها، لكنها لم تجد سوى بلوزة طويلة تصل لبعد الركبة، التقطتها وشرعت في ارتدائها على بنطال، وانتهت بعدما قررت من جلب ملابس فضفاضة ترتديها، وقفت أمام المرآة تهندم من ثيابها، وترتدي حجابها، لِمَ لا تُدخل خصلات شعرها لداخل الحجاب وتغطي به شعرها كافة؟
 هكذا حدثت جميلة نفسها، لفت الحجاب حول رأسها دون إظهار خصلات شعرها، هتفت في نفسها قائلة: 

ـ قد إيه شكلي حلو وأنا مخبية شعري عن لمّا كنت ببينه، مكانش شكلي حلو كدا. 

ـ ذهبت بعدها إلى الجامعة دون مغازلة من أحد؛ فكانت ملابسها طويلة ومحتشمة قليلًا عن ذي قبل، حدثت نفسها هاتفة: طلع إحساس حلو أوي. 

ـ وصلت الجامعة وقابلت سلمى دون الذهاب إلى الشباب ومحاكتهم، تعجبت سلمى منها ومن ثيابها المحتشمة وخصلات شعرها التي أخفتها خلف حجابها. 

ـ هتفت سلمى باستفهام: في إيه يا جميلة؟ مالك النهاردة مكلمتيش الولاد؟ لا وكمان هدومك الطويلة وشعرك اللي دارتيه، في إيه؟! مش عوايدك دي. 

ـ اكتفت جميلة بقولها: عادي. 

ـ انتهوا من يومهن الدراسي، وهن في طريقهن للمنزل، وقفت جميلة أمام المسجد ونظرت إليه، رأت الكثير من الفتيات من عمرها تدلفات للمسجد بملابس فضفاضة جعلتهم مميزين. 

ـ أردفت سلمى بدهشة من تصرفات جميلة اليوم: في إيه يا جميلة؟ مالك وقفتِ وبتبصِي على المسجد ليه؟ اوعي تقولي إنكِ عايزة تدخلي؟! 

ـ ردت عليها جميلة ومازال نظرها معلق على المسجد والفتيات بهِ: وليه لا؟

ـ هتفت سلمى بصدمة: لا مستحيل. 

ـ تركتها جميلة واقفة وولجت لداخل المسجد، أسرت قشعريرة بجسدها فور ولوجها؛ فكانت أول مرة تدلف مسجد من بعد وفاة والديها، وجدت الفتيات واقفات، رمقت ثيابها بعدم رضى تقارن بينها وبين ثياب الفتيات الفضفاضة. 

ـ هتفت جميلة والدموع مترقرقة بمقلتيها: قد إيه أنا كنت مغفلة ومرخصة نفسي للي ميسواش. 

ـ وقفت تتطلع إلى الفتيات بإعجاب، اتجهت إليها إحدى الفتيات هاتفة: نعم يا قمر، محتاجة حاجة؟

ـ أردفت جميلة بخجل: بصراحة، أنا كنت...كنت عايزة ﭢصلي، بس مش هينفع. 

ـ هتفت الفتاة باستفهام: ليه مش هينفع؟!

ـ رمقت الفتاة ملابس جميلة واسترسلت حديثها هاتفة: علشان لبسك؟ 

ـ أومأت جميلة برأسها هاتفة: أيوة. 

ـ هتفت الفتاة ببسمة هادئة: تعالي معايا، متقلقيش في ملاحف هنا، احنا جايبنها وحطينها هنا علشان لو حد احتاجهم.

ـ أخذت جميلة واتجهت بها إلى أصدقائها ليتعرفوا عليها، وجلبت لها إحدى الملاحف؛ لكي تصلي بها. 

ـ قدمت لها الفتاة الملحفة هاتفة: اتفضلي خديها وصلي. 

ـ هتفت جميلة ببسمة هادئة: شكرًا.
 استرسلت حديثها بإحراج: بس هو يعني أنا...أنا. 

ـ طمأنتها الفتاة ببسمة هادئة منها ارتسمت على محياها هاتفة: أنتِ إيه؟ قولي يا حبيبتي. 

ـ هتفت جميلة بدموع متعلقة بأهدابها: أنا مش هخبي عليكم، أنا أول مرة أدخل مسجد وأصلي، أنا مصلتش ولا ركعتها بقالي سنين، من بعد وفاة بابا وماما وعصيت ربنا كتير وعملت حاجات وحشة في حياتي ومحفظتش قرآن، أنا بيتهيألي مش حافظة غير الفاتحة وكام سورة معاها من السور القصيرة، وكنت بكلم شباب معايا في الجامعة وبلبس قصير وببين شعري، وكنت بفرح لمّا ولد يعاكسني وأنا ماشية، أنا وحشة أوي، هو ربنا ممكن يسامحني؟ 

ـ هتفت إحدى الفتيات ببسمة هادئة: اه هيسامحكِ وهيغفرلك ذنوبك كمان. 

ـ هتفت جميلة بدموع واللهفة تحتضن لهجتها: بجد! يعني هيسامحني؟ أكيد بعد اللي عملته ربنا مش بيحبني. 

ـ هتفت فتاة أخرى واقفة بجوارها: طب أنتِ عارفة إن ربنا بيحبك جدًا.

ـ قالت جميلة باستفهام: بعد كل اللي عملته؟ 

ـ ردت عليها الفتاة ببسمة: اه، بعد كل اللي عملتيه. 

ـ جميلة: إزاي؟! 

ـ هتفت الفتاة والحنية تحتضن لهجتها: ربنا لو مش بيحبك مكنش خلاكِ تتوبي، ومكنش دلك على الطريق الصح، بس هو خلاكِ تتوبِي ودلك على الطريق الصح قبل فوات الآوان، صدقيني أنتِ ربنا بيحبك أوي. 

ـ هتفت جميلة بدموع: يعني هيغفرلي كل الذنوب اللي عملتها؟ 

ـ ردت عليها الفتاة هاتفة: اه، لو كانت زي زبد البحر، ربنا اسمه الغفور، يعني بيغفر الذنوب جميعًا لمن يشاء {قُلْ يَا عَِبادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفٌوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}{سورة: الزمر ـ الآية:٥٣}.
 صدق الله العظيم.
الآية دي مؤنسة للقلب، ومطمئنة للنفس، بتضيف سكينة عجيبة وراحة للقلب، حتى لو أسرفتِ في الذنوب بتخليكِ تحسي بمحبة كبيرة أوي من ربنا ليكِ، ربنا بيقول في الآية دي لعباده إنهم مهما عملوا وبعدوا عنه هو الرؤوف الرحيم بهم، ربنا بيبسط إيده بالليل علشان يتوب مسيء ومذنب النهار، وبيبسط إيده بالنهار علشان يتوب مذنب الليل، ربنا بيفرح بتوبة العبد أكتر ما العبد نفسه بيفرح، ربنا بيحب من عباده الإنابة إليه وحسن عبادته، ربنا بيأمر سيدنا محمد ﷺ في الآية دي إن يقول لعباده اللي أسرفوا في الذنوب على أنفسهم كبيرها وصغيرها واتجاوزوا حتى حد الذنوب العادية وبعد دا كله ألا يقنطوا من رحمته، رحمة ربنا بينا كبيرة أوي، ربنا بيقول رحمتي وسعت كل شيء، أنتِ متخيلة دا؟!
 خليكِ واثقة في ربنا دايمًا، خليكِ حاسة دايمًا إنه جمبك ومعاكِ، ربنا مبيتخلش عن عباده لو عباده اتخلوا عنه مليون مرة، علشان عارف إنهم هيرجعوله تاني، ربنا اسمه الغفور الرحيم يا جميلة، يعني بيغفر الذنوب، لا وكمان رحيم بعباده، رحمة ربنا سبقت غضبه، ربنا أرحم بعباده من الأم على ابنها، اتقدمي لربنا ورحيله وأنتِ واثقة إنه غفور رحيم، اوعي في يوم تيأسي من رحمة ربنا بيكِ. 

ـ هتفت جميلة بدموع فرحة: يعني ربنا بيحبني علشان خلاني أتوب، ووجهني للطريق الصح، وهيغفرلي ذنوبي وهيسامحني؟ أنا فرحانة، وأنا كمان بحب ربنا أوي، وعمري ما هعصي تاني أبدًا في حياتي، وهسعى إني أخليه راضِ عني وفرحان مني، شكرًا ليكم يا بنات على كلامكم.

ـ ربتت الفتاة على كتف جميلة قائلة: احمدي ربنا يا حبيبتي وخليكِ عارفة إن هو كمان بيحبك أوي، يلا يا حبيبتي الحمام عندك أهو، ادخلي اتوضي والبسي الملحفة وتعالي صلي ركعتين شكر لله على توبتك. 

ـ هتفت جميلة بفرحة: حاضر. 

ـ اتجهت جميلة إلى المرحاض وقامت بالوضوء وارتدت الملحفة وولجت؛ لكي تصلي. 

ـ هتفت الفتاة ببسمة هادئة رُسمت على محياها فور رؤية جميلة بالملحفة هاتفة: ما شاء الله جميلة عليكِ، يلا صلي واشكي لربنا كل حاجة تعباكِ وعايزة تحكيها احكيها لربنا، ربنا جعل في الصلاة علاج للروح، في أحسن وأعظم من لمّا تبقي واقفة بين إيدين ربنا وبتشكيله حزنك؟! يلا صلي واخشعي في صلاتك واتخيلي إنك واقفة بين إيد ربنا، واتخيلي الجنة وما فيها من أنهار وأشجار وكل حاجة طيبة وما لم يخطر على بال إنسان.

ـ بدأت جميلة في الصلاة، أسرت قشعريرة بجسدها، وشعرت بشعور لأول مرة تشعر بهِ، يا له من شعور جميل وعظيم!
 سجدت جميلة تشكي لربها وتطلب منه بأن يغفر لها كم الذنوب التي فعلتها بحياتها، طالت بالسجود شاكرة ربها على هدايتها وتوبتها عن المعاصي التي فعلتها طول حياتها، أرسل الله ملكه عزرائيل وأمره بقبض روحها، خرجت روحها إلى خالقها، عادت إلى أصلها الذي خُلقت منه، خرجت لتُقابل وجهًا كريمًا، هذه هي رحمة الله بعباده، لم يقبض روحها على معصية، أرشدها إلى طريق الصواب وأهداها قبل فوات الآوان، قبض روحها على توبة وطاعة. 

ـ أردفت إحدى الفتيات قائلة: هي طولت كدا ليه؟! 

ـ ردت عليها فتاة أخرى هاتفة: مش عارفة، أنا معنتش سامعة لها صوت. 

ـ اتجهت إليها الفتاة وهزتها، سقطت جميلة بين يديها جثة هامدة، ماذا؟! ما هذا يا الله؟! إنها تبتسم. 

ـ هتفت الفتاة بدموع وهي محتضنة جميلة، مسدت على ظهرها قائلة: سبحانك ربِ ما أعظمك!
 فعلًا ربنا رحيم بعباده أوي، مقبضش روحها وهي على معصية وبتعصيه، خلاها تتوب ونزل عليها هدايته وماتت وهي بتضحك وتابت قبل فوات الآوان، سبحان الله، سبحان الله، اللهم حسن الخاتمة يــــارب. 

ـ شرعت الفتيات في البكاء والتف جميع من كان بالمسجد حولهم، وسلمى التي كانت واقفة عند الباب وتستمع لحديثهم، اتجهت إلى صديقتها بدهشة والدموع متحجرة بمقلتيها أبت الهبوط. 

ـ هتفت سلمى بدموع وانهيار: جميلة، ج...جميلة، قومي يا جميلة، متسبنيش لوحدي، قومي ووالله هنتوب وهنصلي وهنعمل كل حاجة ترضي ربنا، بس قومي يا جميلة متسبينيش لوحدي. 

ـ هتفت إحدى الفتيات بدموع مهدأة لها: استهدي بالله يا حبيبتي، هي دلوقتي في مكان أحسن من هنا بكتير، هي دلوقتي عند اللي خلقها فإيد ربنا، احنا مش هنكون أرحم بيها عن ربنا، ربنا يغفرلها ذنوبها ويسامحها ويجعل مأواها الجنة. 

ـ آمنت سلمى بدموع على دعائها هاتفة بصوت متحشرج من البكاء: يارب. 

ـ دُفنت جميلة وعلى وجهها تبتسامة جميلة، وتابت سلمى هي الأخرى، وواظبت على الصلاة، وحفظت القرآن الكريم، وابتعدت عن أصدقاء السوء، وتعرفت على الفتيات اللواتي أرشدوا صديقتها إلى طريق الله قبل وفاتها بدقائق، وقامت بإخراج الصدقات على روح صديقتها، واستغفرت لها ودعت الله بأن يغفر ذنوبها ويسامحها على ما ارتكبته من أخطاء ومعاصي في حياتها، ولم تنسَ سلمى صديقتها حتى بعد مرور السنوات، وكان هذا بمثابة درس واتعاظ لها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخلاصة هنا إنكِ متعصيش ربك عشان حاجات متستاهلش وملهاش لازمة، الخلاصة إنك تعملِي لآخرتك؛ لأن كدا كدا الدنيا فانية، وكل حاجة فانية مفيش حاجة دايمة غير وجه ربنا _سبحانه وتعالى_، واللي مهما عملتِ معاصي في حياتك ورجعتيله بر. و، ويغفرلكِ ذنوبك وبيخليكِ تتوبِي، ربنا جميل أوي ورحيم بينا، بس للأسف احنا اللي مش حاسين بدا، وياريت نفوق ونعمل لآخرتنا قبل فوات الآوان، تعرفوا إن ربنا شايلنا جنات عرضها السماوات والارض، بس شايلها لمين! للمتقين اللي بيخافوا منه وبيسمعوا أوامره ومش بيعصوه، ربنا رحيم بينا أوووووي، لازم نفوق ونصحى من الغفلة اللي احنا فيها، هل لو ربنا قبض روحك دلوقتي هتبقي راضية عن لبسك، وعن نفسك، وعن أعمالك؟ 
هل عايزة تقابلِي ربنا كدا؟!
 استغفروا يا جماعة وارجعوله، والله إن الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد، ربنا بيحبنا وسايبنا عايشين يمكن نتوب ونرجعله. 


ـ يا ابن آدم، افعل ما شئت؛ فإنك راجعٌ إلى ربك لا محالة. 


اللهم إن ذنوبي لم تكن استهانة بحقك ولا جهلًا واستخفافًا بوعيدك، وإنما من غلبة الهوى وضعف القوى؛ فاستغفرك ربي وأتوب إليك.

عن الكاتب

Aamal Hosny

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة لَحْنّ