جريدة لَحْنّ

رئيس مجلس الإدارة / عبير محمد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

_رغبة قدر_ بقلم الكاتبة وفاء طارق. |جريدة لَحْن الأدبية والأخبارية



الجزء الثاني

*بعد عام*
خالد: وحشتيني. 
رهف بمرح: يا واااد، قول عاوز إيه إنجز. 
ليجيبها بين ضحكاته: عاوز أشوفك بقا، وكمان عاملك مفاجأة. 
رهف بابتسامة خجول قد لمسها هو: حاضر، موافقة، إمتي؟
خالد: بعد ساعة في كازينو lovely. 
رهف: تمام، هروح ألبس، باي. 
أغلقت الهاتف وهي في قمة سعادتها، لقد اشتاقت له كثيرًا هي أيضًا، ولكنها طالما كانت تخجل من أن تخبره بهذا، أخذت تستعد بسعادة عارمة، ارتدت فستانًا أسود لامع قد أبرز بعض مفاتنها، وقد رتبت شعرها بشكل مناسب مع تلك الكلاسيكية، وبدأت في وضع بعض المساحيق الخفيفة التي قد زادتها جمالًا، سارت بخطواتٍ سعيدة إلى المقهى الليلي اللذان اتفقا عليه، وتفاجاءت بانتظاره لها بسيارته، أما هو ففور اقترابها منه قد ترجل من سيارته وذهب إليها بشكل كلاسيكي كالذي تراه هي في عالم الأميرات، ابتسم لها بحب، ولكن بالرغم من هذا فلم يخلو وجهه من بعض لمحاتِ الخجل والارتباك، التقط أناملها بهدوء وهو يتمتم: قمر. 
أجابته تورد وجنتاها التي طالما عشق حيائهما، اقترب من وجهها قليلًا وأخذ يتفرٌس ملامحها، وقد لمعت عيناه أثر الحب المختزن لها، لا إراديًا منه طبع قبلةً دافئة على وجنتيها معللًا: طول ما بيحمروا كدا هفضل أبوسهم. 
صُعقت هي من جرائته، وقد تبخرت الكلمات من فاهها.
 دخلا المقهى وقد تفاجئت بخلوه تمامًا إلا من بعض عازفي الأوركسترا نادل المطعم وطاولة في منتصف المقهى دائرة كلاسيكية زُينت بمفرشٍ هادئ باللون الأحمر القاتم، وقد وُضع في المنتصف شمعدان هادئ، أخذها نحو الطاولة وهي في حالةٍ من الصدمة والذهول والإعجاب، وقد بدأ عازفوا الأوركسترا بالعزف فور جلوسهما وكأنهم قد تدربوا على هذا مرارًا. 
نظر لعينيها مباشرة وكأنه يتحرش بروحها دون أي حديث، ثم بعد صمتٍ قد طال قطعه هو أخيرًا بمنادته لنادل المقهى: جرسون.
تقدم النادل مبتسمًا: أهلًا مستر خالد، أهلًا مودموزيل. 
تبتسما ثم تحدث خالد: هاتلي وسكي، وشوف الأنسة تشرب إيه. 
رهف: لمون لو سمحت. 
النادل: تمام يا فندم. 
ثم غادرهم، نظر خالد لها بارتباك: عاوز أعترفلك بحاجة، لمّا ركبت الأتوبيس كنت قاصد، أنا كنت براقبك قبلها بقالي سنتين، وكنت معجب بيكِ جدًا، كنت بحاول أبعد تفكيري عنك لإني خاطب وده مينفعش، بس مقدرتش غصب عني، كان في حاجة غريبة بتشدني ليكِ، و مكنش فيه أي طريقة قدامي أقدر إني أقربلك بيها غير إني أركب الباص دا علشان أشوفك، وعلشان أكون لامس روحك وأعرف إذا كان في بينا تناغم فعلًا ولا لا، ومن أول نظرة لعنيكِ أنا وقعت، وقعت في بير كبير وحسيت إنك بتغرقي معايا، وحسيت إن فيه تناغم حقيقي وقوي أوي بينا. 
رهف بذهول: يعني مكُنتش ناسي محفظتك زي ما قولتلي؟! 
خالد: بصراحة لا، بس مقدرتش أقولك وقتها
لم تعرف هل ترقص من الفرح، أم ماذا تفعل؟
 و لكنها وجدت نفسها توجه بصرها إلى أنامله بشيءٍ من الخبث، وهي تسأل وقد ارتسمت على ثغرها بسمة: أنت فركشت؟
خالد: لا، مينفعش أفركش، أنا مجبور عليها، لمّا قولتلك إني مش بحبها كنت صادق، بس هي بنت عمي وغنية وأبويا أجبرني عليها، بس بحبك، أعمل إيه؟! غصب عني. 
رهف بصدمة: أيوة، بس…
قطع حديثها وصول النادل وقدم لهم المشروبات وغادر؛ فأكملت رهف وقد تمكن الغضب منها: أيوة يعني إيه المطلوب مني! أنت عبيط؟
وقفت بغضب و تحركت على الفور خارج ذلك المكان الذي أصبح دنس بالنسبة لها، انقطعت عنه تمامًا، لم تجب على مكالماته التي فاقت كيانها، لم تعد تذهب إلى عملها حتى لا يلحقها؛ بل لم تكد تخرج من غرفتها حتى، تتألم فحسب. 

*بعد أسبوعين من مرور هذا الحادث.*

طرقت والدتها باب غرفتها قائلة: يا رهف يا بنتي، في واحد برا وبيقول إنه صاحب البوتيك اللي بتشتغلي فيه، 
صُدمت رهف؛ فما الذي يؤتي بصاحب عملها هنا سوى أنه يريد توبيخها على إهمالها للعمل ومن ثم يقوم بطردها!
 أجابت والأسئلة تخترق عقلها: حاضر يا ماما، جاية. 
خرجت على الفور دون حتى أن تُلملم خصيلات شعرها المُبعثرة بطريقة عشوائية؛ لتُعبر عن مدى الحزن الذي تمر به، واقتربت من هذا الرجل لتتفحصه جيدًا، ولكن الذهول قد أصابها بعدما رأته يجلس واضعًا قدمًا فوق الأُخرى، وقد رُسمت على ثغره ابتسامة نصر.
 اقتربت منه وملامح الدهشة مُبعثرة على ملامحها التي لطالما عشقها، وقف مُقتربًا من أُذنيها هامسًا: هستناكِ علي آخر الشارع، البسي وانزلي. 
أنهى كلماته وتركها وحدها وقد غادر الشقة، أما هي فقد أغرورق جسدها بماء حبه مرة أخرى بعدما رأته أخيرًا؛ لقد اشتاقت إليه كثيرًا، هكذا اعترفت لنفسها، فإن غيابه حقًا كان يؤذيها. 
ذهبت إلى غرفتها وقد أصاب وجهها حُمرة الفرح وقد انتعشت روحها مرة أخرى، اختارت بنطالًا واسعًا من الجينز، وتيشرتًا أصفر اللون ذو أنصاف أكمام، عطرت جسدها بالرائحة التي طالما عشقها هو، ثم رفعت شعرها بربطة في هيئة ذيل حصان، وقررت أن تزين رقبتها بسلسلة فضية قد أهداها إياها، ومن ثم ارتدت حذائًا رياضيًا ذو اللون الأبيض، ودٌعت والدتها بقبلة تشع منها السعادة ونزلت على الفور.
 اقتربت منه قائلة: إيه اللي جابك؟
أجابها بوهلة: وحشتيني، رهف، أنا فعلًا بحبك، لازم تفهمي دا.
لتجيبه باكية: وأنا كمان بحبك، بس أنا مش عاوزة أحس إني رخيصة، هتكون هي الأصل وأنا العشيقة. 
اقترب منها واضعًا إصبعه على فاهها: متقوليش كدا، الأصل مش باللي ظاهر للناس، الأصل باللي روحنا مش شايفة غيره. 
ثم التهم شفتاها التي طالما وقع أسيرًا بغرامهما، لم تقاومه؛ بل إنها انغمست معه في تلك التجربة اللذيذة لكليهما، لم يهتما لنظرات العالم من حولهما، وكأن الوقت قد توقف عند تلك النقطة من العالم، ابتعدا أخيرًا بعد فترة جهلا تمامًا بحسبها، وأخذا يتنفسان الصعداء، وأخيرًا قد لاحظا تلك النظرات التي تحيطهما من جميع الزوايا.
 نظرت هي في الأرض خجلًا، بينما تحدث هو بحدة: إيه؟ واحد ومراته، فيه حاجة؟! 
ابتعد الجميع عنهما بخوف، ثم التقط أناملها بحب وتوجها للسيارة، فتح الباب الأمامي في شكل كلاسيكي قائلًا: اركبي يا أميرتي. 
ركبت بجانبه وقلبها يتراقص فرحًا، ذهبا أمام واجهتهما التي لطالما عشقاها، النيل، ترجلا من السيارة حتى وصلا إلى النيل مباشرة.
 ركع ممسكًا أناملها الصغيرة موجهًا لها الحديث:- زي ما قابلتك هنا أول مرة، هعترفلك هنا بحبي، وهيبدأ من هنا حبنا. 
أجابت بخجل: بحبك. 
خالد: بمووت فيكِ. 
ثم وقف متجهًا إلى السيارة وهو يقول: عاوز يبقى لينا أغنية خاصة بينا عن كل العالم، بصي اسمعي الأغنية دي، دي هتبقى بتاعتنا. 
بدأت الأغنية، وبدأت أجسادهما بالتمايل أثر نغماتها الهادئة، من يراها وهي ترقص الآن، يظن وكأنها قد تدربت على تلك الرقصة مرارًا، ولكن الحقيقة أن تلك الأغنية لم تسمعها من قبل، وبالرغم من هذا فقد كان تأثيرها على روحها كبير جدًا، بدأت روحها بالرقص أولًا، حتي تنحنح جسدها بالتمايل مع روحها في تناغم شاعري، يتراقصان معًا تحت أنظار المارة؛ ليقترب من جسدها وهو يتحسسه بأحاسيس كثيرة غير مرتبة، ولكن جميعها تنبض بالحب؛ بل بالعشق. 

Somebody can't breath without you it's lonely
تظل الأرواح تتناغم في بِقاع الأرض، ولأول مرة يرى العالم بنظرة مختلفة غير تلك التي اعتادها، نظرة تفوح منها الحُب، الحُب الذي يفوح من كل شيء حوليهما، ليعلو صوتيهما مع نهاية الأغنية: that somebody is me. 
التقط أناملها بحب: هتقبلي تفضلي معايا وأنتِ عارفة إني مش هتجوزك؟
وافق قلبها؛ بل ووافق كل شيء بها، لا يُهم كيف ستكون معه، الأهم لديها أن تكون معه، تكون معه بأي صورةٍ يريدها؛ فهذا يكفيها كل الكفاية. 
وهكذا قد بدأت قصة حب مع هذان المغرمان، قصة معروفة نهايتها المؤلمة، ومع هذا فإنهما يُحبان المغامرة، المغامرة في سبيل الحب. 
يتبع... 

*_وفـاء طـارق_*

عن الكاتب

Aamal Hosny

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة لَحْنّ