جريدة لَحْنّ

رئيس مجلس الإدارة / عبير محمد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

"عزيزي" |جريدة لَحْنّ الأدبية والاخبارية

 


هل تعرف ما معنى أن تصل لمرحلةٍ ما في الحياة يكون أفضل شيءٍ تفعله هو أن تُقلِع؟ 

ليس المهم عن ماذا، المهم أن تتخلى، أن تقلع مثلًا عن قهوتكَ الصباحية وتستبدلها بالزنجبيل المرّ، تقلع عن كتابة ما اعتدت أن تكتبه وتخرج بدلًا من ذلك لممارسة هواية التّيهِ في أزقة المدينة، أن تكُفّ عن النوم مثلًا تشتري الطعام وترميه، أن يكون أسمى أهدافك متعلقًا بمدى جرح ذلك الصبي الذي ضربتهُ بحجرٍ في الطريق دونَ هدف، أن تقف وسط حشدٍ ما وتصرخ بأعلى صوتك بما شئت، أن تشتم رئيسك في العمل، تكسر الإناء المفضل لأمك، تدخن التبغ؛ لأنه يقتل وليس لأنك تحبه، تركل كل ما تصادفه، حجر، علبة كولا، ثلاجة، طفل، أي شيء، تجلس تحت المطر ساعتين، وتلعن الماء؛ لأنه يطفئ سيجارتك، أن ترسب بامتحان اللغة؛ لأنك كتبت قصيدة غزلية في محل الإجابة، أن تنام على رصيف محطة القطار كمتسوّلٍ، تشرب من بركة الحديقة الملوّثة، توسخ ثيابك، تشرد يومين أو ثلاثة ولا يعرف لك أثر، تشتري بذاكرتك الوهم، وتقتات على فتات اليأس العالق بروحك، وتجلس كمن رُمي في بهو فندق وهو نائم، "لم أجد تشبيهًا آخر يجمع الضياع والذهول بآنٍ معًا". 

أن تبيع حياتكَ بثمنٍ بخس، أن تلغي فكرة أنك تسعى لشيءٍ ما، أن تعيش فقط؛ لأن الموت تخطاك هذه المرة

أن تكون كمريضٍ عقلي، لكنك لست مريضًا، الوضع أصعب بكثير، ترمي بكل أشيائك التي تحبها في مكب الحياة الكبير، تقابل أكياس النفايات التي تدعى بشرًا وتبتسم لهم أيضًا كنوعٍ من التعذيب السيء، تتحامل على نفسك، وبحجة الضياع تكتب هذا النص؛ لتواري سوءة ما يفتك بتفكيرك، وتفضح شتاتك على الملأ، ماذا لو جاء يوم ولم أجد ما أكتبه؟ 

كيف سأخرج مما أنا فيه؟

 هل سأفعل ما يمليه على عقلي فى تلك اللحظة؟

 فى كل مرة أهرب إلى الكتابة وكأنها الأم الحنون التي تحتضن شتاتي وتعيد إليّ الأمل مرة أخرى، ماذا إن انتهت المعاني فى عقلي ولم أجد ما أكتبه؟ 

وكان السؤال الذي يدور في مخيلتي، ما الفرق بين الموت والانتحار إذا كان الطريق واحدًا؟

 وكأني لن أعلم الجواب إلا بالتجربة؛ لكنها ستكون تجربة قاسية، ذلك الثمن الذي سأدفعه هذه المرة لا يعوض مرة أخرى، رسائل الرحيل تكون غالية إلى أن نلتقي. 


محمد أيمن

عن الكاتب

Abeer Mohamed

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة لَحْنّ