فكيف أتوُب عن عينّيكَ عشقًا، وربُك فِي غرامك قد بلاني؟
•••••••
ـ فاطمة يا حبيبتي.
ـ نعم يا ماما.
ـ مبارك يا قلبي.
ـ فاطمة: على إيه يا ماما؟! أنا نتيجتي لسه مظهرتش يعني علشان تقوليلي مبارك، ولا حضرتك بتبركيلي مقدمًا وبتقدمي بنجاحي؟
ـ أردفت والدتها ضاحكة: إن شاء الله هتنجحي يا حبيبتي، بس بباركلك مش علشان نجاحك.
ـ فاطمة بهدوء: أولًا كدا يا ست الكل لا يجوز تقديم المشيئة، وثانيًا بتبركيلي على إيه؟
ـ أردفت والدتها بشَجَن: معلش يا بنتي بنسى.
ـ ابتمست فاطمة وأىدفت بحنان: بكرا تتعودي.
أكملت بمرح: ها، بتبركيلي على إيه بقى؟ هتسبيني متشوقة كدا؟!
ـ ضحكت والدتها عليها وأردفت: جايلك عريس يا قلب أمك.
ـ تفاجأت فَاطِمة وأردفت بدهشة: عريس! عريس مين يا ماما؟ وبعدين شافني فين؟
ـ ردت سهير والدتها قائلة: بيته على أول الشارع يا حبيبتي.
ـ أردفت فاطمة بشجن: بس أنا زهقت يا ماما من الموضوع دا، ولسه مش مستعدة إني أدخل تجربة جديدة.
ـ سهير بشجن على ابنتها: معلش يا حبيبتي جربي المرادي، مش يمكن ربنا يكون كاتبلك نصيب؟
ـ تنهدت فاطمة وأردفت بقلة حيلة: حاضر يا ماما.
ـ سهير بفرحة: طب يا حبيبتي اجهزي علشان هما هييجوا الساعة 6.
ـ فاطمة بدهشة: أنتوا مظبطين كل حاجة من ورايا بقى!
ـ سهير: أبدًا يا حبيبتي والله، هما كلموا أبوكِ وطلبوا يجوا النهاردة.
ـ فاطمة بحنق: حاضر يا ماما.
ـ سهير: طيب يا حبيبتي أنا هطلع وأنتِ شوفي هتلبسي إيه.
ـ فاطمة: لسه بدري يا ماما.
ـ سهير: حاضر براحتك، بس ياريت وقت ما ييجوا تكوني جاهزة.
ـ تركتها والدتها وولجت للخارج تنظف المنزل وتعد الضيافة لحين وقت مجيئهم.
•••••••
ـ كانت قابعة على فراشها بردائها الرائع، الفضفاض، كانت ترتدي فستانًا تحت المسمى الدارج "دريس" باللون البيج، به خطوط ورد بيضاء وضعت عليه بالعرض على نقاب بالخمار الخاص به باللون الأسود منتظرة مجيء والدتها، طرقت سهير على باب غرفتها وأردفت:
ـ فاطمة، خلصتي يا حبيبتي؟
ـ فاطمة بهدوء: أيوة يا ماما، اتفضلي.
ـ دلفت سهير ورأتها تجلس على الفراش رافعة النقاب عن وجهها، اتجهت إليها وأمسكت بيديها وأردفت ببسمة: ما شاء الله عليكِ يا قلب أمك، ربنا يحفظك يا حبيبتي.
ـ ابتمست فاطمة وأردفت: يديمك ليا يا ست الكل.
ـ سهير: يلا يا حبيبتي تعالي وصلوا.
ـ أخفضت فاطمة النقاب على وجهها، واتبعت والدتها لخارج الغرفة متجهة إلى غرفة الضيوف، دلفت خلف والدتها التي كانت تحمل بيديها صينية المشروبات، ألقت فاطمة عليهم السلام وهي خافضة وجهها بالأرض، اتجهت وقبعت بجوار والدها على الأريكة، أخذوا يتناولون الحديث فيما بينهم.
•••••
ـ فاقت فاطمة من شرودها على صوت رنين هاتفها، التقطته من جوارها ورمقت اسمه الذي يضيء شاشة هاتفها بابتسامة جميلة شقت ثغرها، فتحت عليه وسمعت صوته القالق والخائف عليها:
ـ فاطمة، أنتِ كويسة؟ حصلك حاجة ف...
ـ قاطعته فاطمة وأردفت: اهدى يا يحيى، أنا كويسة مفيش حاجة.
ـ تنهد يحيى بارتياح واطمئنان عليها وأردف: طب ليه مكنتيش بتردي عليا من الأول؟ أنتِ عارفة اتصلت عليكِ كام مرة!
ـ أبعدت فاطمة الهاتف عن أذنيها ونظرت إليه وجدته هاتفها فوق العشرون مرة، أردفت بأسف عليه وشجن على خوفه عليها: أنا آسفة يا حبيبي والله، مكنتش سامعة التليفون، آسفة.
ـ أردف يحيى بحنان: خلاص يا حبيبي حصل خير، مدام أنتِ بخير واطمنت عليكِ، بس أرجوكِ يا فاطمة خلي التليفون معاكِ علشان لمّا أرن عليكِ وبتصل عليكِ ومبترديش عليا، فكرة إن حصلك حاجة بتقتلني يا فاطمة.
ـ أردفت فاطمة بدموع متعلقة بأهدابها بخزي من نفسها لخوفه عليها بسببها هي: آسفة والله يا يحيى، مش هتتكرر تاني، وحاضر هخلي التليفون معايا.
ـ أردف يحيى بمرح؛ لكي يخرجها من حزنها: طب بما إن سيبت الشغل علشان خاطر المدام فاطمة وجاي في الطريق، ممكن حضرتها تتكرم وتقولنا عملت أكل إيه علشان واقع من الجوع!
ـ أردفت فاطمة بدهشة: يحيى هو أنتَ بجد سيبت شغلك وجيت عشاني؟!
ـ أردف يحيى بحب واضح في نبرة صوته وعشق كامن في أعماق قلبه لصغيرته كما يطلق عليها هو: وأسيب الدنيا كلها علشانك يا قلب وروح وحياة يحيى كلها، الشغل يتعوض يا فاطمة بس أنتِ مستحيل تتعوضي أبدًا.
ـ أردفت فاطمة بدموع تسيل على وجنتيها: طب وبعدين معاك بقى؟ خلتني أعيط.
ـ ضحك يحيى عليها وأردف: خلاص خلاص، مقولتليش عاملتِ أكل إيه؟
ـ حمحمت فاطمة وأردفت: هو بص يعني..اا...
ـ قاطعها يحيى وأردف بقلة حيلة: خلاص يا فاطمة هجيب أكل وأنا جاي.
ـ أردفت فاطمة بفرح: هو أنا قولتلك قبل كدا إني بحبك؟
ـ أردف يحيى بعشق: وهو أنا قولتلك قبل كدا إني بعشقك؟
ـ صمتت فاطمة ولم تجيبه، حتى أردف هو بمرح: اه ياما، نفسي أشوف خدودك الحمرا دي دلوقتي.
ـ خجلت فاطمة منه وأغلقت الهاتف بوجهه، ضحك هو عليها وعلى خجلها ومن ثم انحرف بالسيارة واقتادها لأحد المطاعم؛ ليجلب لهما طعام.
ـ ولج من الخارج وجدها تجلس على الأريكة أمام التلفاز تشاهد كرتون "الجميلة والوحش"؛ فهي دائمًا ما تحبه كثيرًا وتحب مشاهدته، وضع الطعام والأشياء التي جلبها على طاولة الطعام، اتجه إليها وقبلها من جبينها وأردف بابتسامة:
ـ أنا جبت الأكل وحطيته برا على السفرة، قومي جهزي يلا عبال ما أغير هدومي.
ـ ابتسمت له فاطمة ونهضت واتجهت إلى الطاولة حتى شهقت بسعادة وهرولت إليها والتقطت من عليها "الدب الباندا" الذي جلبه لها يحيى وكان معه الكثير من الشكولاتات، شعرت به يقف خلفها، التفتَّ له بابتسامة واسعة على محياها ودموع مترقرقة بمقلتيها.
ـ اتجه إليها يحيى وقام باحتضانها وهو يزيل دموعها، ومسد على شعرها بحنان كما لو أنه والدها.
ـ أردفت فاطمة بهدوء وهي مازالت بأحضانه: يحيى.
ـ رد يحيى: قلبه.
ـ قالت فاطمة بابتسامة: فاكر يوم ما جيت عشان تطلبني من بابا؟
ـ رد يحيى عليها بمرح: اه، كنتِ شرسة أوي.
ـ ضربته فاطمة على صدره بتذمر، ضحك هو عليها وأردف: وكان أحلى يوم في حياتي.
•••••••••
F. B
ـ إيه، هتفضلي باصة في الأرض كتير؟!
ـ فاقت من شرودها على هذا الصوت بجوارها، رفعت رأسها وقالت: أفندم؟!
ـ يحيى: عندك أي أسئلة يا آنسة؟
ـ قالت فاطمة بهدوء وتريث: بص يا أخ أنت، من الأول وقبل أي حاجة أنا عندي شرط.
ـ رد يحيى بتعجب: شرط! اتفضلي إيه هو؟
ـ فاطمة: النقاب.
ـ يحيى باستفهام: ماله؟!
ـ فاطمة: مش هقلعه دا لو حصل نصيب؛ لإني مش مستعدة أتخلى عنه عشان أي حد، حتى لو مش هتجوز خالص.
ـ يحيى: ودا سبب رفضك للعرسان اللي اتقدمولك قبل كدا؟!
ـ ردت فاطمة بحدة: ملكش دعوة.
ـ يحيى: ما علينا، لو دا كان سبب رفضك أحب أقولك إن اللي اتقدمولك دول مش رجالة لمؤاخذة يعني، الراجل اللي يرضى يمشي مراته مبينة لحمها ويخلي الرجال تفتن بها لأجل أن يكون شاب متحضر في عيون الناس ومراته بتلبس على الموضة دا ميبقاش راجل، وعايزك تعرفي أنا جتلك أنتِ علشان تبقي حلالي نقابك يا آنسة فاطمة، وأنا إمام في المسجد على فكرة، وبعيدًا عن إني إمام مستحيل كنت أرضى بواحدة بتلبس بناطيل وبتبين مفاتنها للناس؛ لإن دا مش الزي الشرعي اللي ربنا أمر به وفرضه على نساء المسلمين، وأنا لمحتك وأعجبت بأخلاقك وزيك يا آنسة فاطمة وجيت علشان أطلبك في الحلال، كنت بحاول أغض بصري عنك وطلبتك من ربنا وأتمنى توافقي وتبقي حلالي، ولو موافقتيش وربنا كاتبلنا نصيب مع بعض هتلاقيني هنا كل يوم قاعد القعدة دي مع أهلك وبطلبك منهم تاني وتالت وعاشر لعند ما توافقي، ها قولتي إيه؟ أجيب المأذون طيب؟
ـ أردفت فاطمة بصوت خافت خجل: هات المأذون.
B.
•••••••
ـ قال يحيى: قال وأنتِ كنتِ مفكراني هقلعك النقاب، بقى أسيب الجمال دا كله الناس كلها تشوفوا؟ دا أنا كنت أرتكب جريمة، وأصلًا لو مكنتيش لابسة كنت هلبسه ليكِ علشان الجمال دا كله بتاعي أنا.
ـ بحبك أوي يا يحيى، بقالنا خمس سنين متجوزين، وربنا في الخمس سنين دول مرزقناش بطفل وأنتَ عمرك ما حسستني إنك محتاج طفل أو إنك زعلان إن معندكش أطفال يقولولك بابا مع إني عارفة إنك نفسكَ أوي يكون عندك أطفال و...
ـ وضع يحيى أصبعه على شفتيها مقاطعًا حديثها مردفًا: ششش، أنا اشتكتلك في يوم أو قولتلك إني عايز أطفال؟
هزت فاطمة برأسها والدموع تسيل من مقلتيها، أزال دموعها وأكمل: طب ليه دلوقتي بتقولي كدا؟ أنتِ عندي بالدنيا كلها يا فاطمة، ميهمنيش يبقى عندي أطفال ولا لا، أنتِ بنتي يا فاطمة قبل ما تكوني مراتِي، ولو كنت عايز أطفال فهو علشان هيبقوا حتة منك أنتِ، وبدعي ربنا يرزقنا بأطفال علشانك أنتِ، علشان أشوف ضحكتك اللي مبقتش بتظهر من قلبك غير فين وفين يا فاطمة، أنا مش عايز أطفال، أنا عايزك أنتِ، أنا اكتفيت بيكِ أنتِ، بنت وزوجة وكل ما ليا يا فاطمة.
ـ ابتسمت فاطمة من حديثه المُحبب لقلبها والدموع مترقرقة في عينيها مردفة: وربنا استجاب لدعائك يا يحيى وجزاك على صبرك، يحيى، أنا حامل يا يحيى.
ـ انصدم يحيى من حديثها وذرفت الدموع من عينيه وأردف: بجد يا فاطمة؟
ـ هزت فاطمة رأسها بابتسامة مردفة: أيوة يا أجمل أب في الدنيا.
# تمت
- أُحبُّكِ وَكَأنّي أحبَبتُ بَلدًا كُل سُكانهُ أنتِ، فَضَممتُ اسمكِ فيِ دُعائي وأنّي أُحبُّكِ وما الحُب إلا دُعاء.