نرى في حياة البشر صورًا كثيرة ونظن أنها كاملة، لكنها في الحقيقة ما هي إلا صور ناقصة؛ فكل شخصٍ في هذه الدنيا يملك قصةً لا أحد يعلم بِها سواه، وتحتوي هذه القصة على كثيرٍ من الألم والشقاء، ودموع ذرفها على الطرقات، ودعوات رُفِعت إلى السماء، ولحظة يأس، وكسرة نفس، وخيبة أمل، وأشياء أخرى كاد يظن أنها ستنهيه؛ لأنها طالت عليه وبقى لا يتحملها، ورغم كل ذلك يظهر إلى الآخرين بابتسامةٍ يملؤها كثير من التفاؤل، وأن حياته على ما يرام، وأن كل شيءٍ جميل؛ فماذا رأيتم أنتم؟
لم تروا سوى الضحِكات والابتسامات التي تصّنع بِها وهو يسير في الطرقات وهي جزءًا من القصة وليست كلها، وصورة واحدة من صور حياته وليست أكملها؛ لذا تكون صورنا ناقصة وحقائقنا مخفية، فلا تنخدِعوا كثيرًا فيما تروه في حياة الناس، ولا تتمنوا أن تكونوا مثلهم أو حتى تحصلوا على ما في أيديهم؛ فأنتم لا تعلموا ما الذي فقدوه أو مروا به عبر مشوار حياتهم؛ كى يبقوا على ما هم فيه الآن، وأيضً؟ ا ضحكاتهم التي تُبهركم، هذه ما هى إلا جزءًا من حكايةٍ لها كثير من الأشكال؛ فلربما وجهه يضحك وقلبه يتألم، وبينما تظن أنت أنه يملك كل شيء يكون هو فاقدًا أغلى الأشياء التي يملكها في حياته، وحينما تشعر بحصوله على كل ما يريد، يكون فاقدًا معنى الراحة الفريد؛ لأن هذا هو معنى الحياة، لا تُعطي أحدًا إلا لتأخذ منه أيضًا، ونحن نشاهد العطاء فقط لكننا لا نعلم بحجم الخسارة؛ لأن طبيعة الإنسان يُخفي الجزء السيء من حياته ويظهر بالجيد الجميل الذي يلفت الناظرين؛ فلا تحكم على أحدٍ أبدًا لا تعلم بحاله، فكل شخصٍ لديه حكايته.
بقلم/ إسراء خورشيد