هل شعرت بالندم قط؟ هل استطعت أن تتلافى ما ندمت عليه؟
شيماء لم تستطع أن تتلافى ندمها على ما فعلته مع ابنتها سارة، سارة طوال حياتها كانت تحاول أن تُسعِد من حولها، حتي لو على حساب نفسها، لم تخالف كلام عائلتها قط، تربت مع إخوتها الشباب، والدها لم يتدخل في نظام تربيتها؛ بل كان التدخل من الإخوة مع دعم الأم لهم بحجة خوفهم عليها من كل شر. تربت على أنَّ إخوتها دائمًا هم أصحاب القرار في حياتها، كانت والدتها تختار لها الملابس وفقًا لرأيهم. لَم تنهِ أي أوراق رسمية في حياتها، ولَم تذهب بمفردها أثناء جميع المراحل التعليمية، في طفولتها كان ممنوعًا عليها أن تلعب مع الأطفال في حديقة المنزل، وبعد إن كبرت كان من الممنوع أن تذهب مع أصدقائها إلي أي مكان، فقط مسموحٌ لها أنْ تجمعهم في منزلها. كلما كبرت هذه الفتاة كانت تشعر بعدم الثقة في نفسها، كل من تعامل معها كان يندهش، وأكثر جملةٍ سمعتها في حياتها من الناس "هذه الفتاة لم تخرج من المنزل قط"، هذه الجملة كانت تجعلها تشعر بالعجز أكثر.
هي وجميع إخوتها تخرجوا من أفضل الجامعات، ولم يحبذوا أن تعمل. تزوج الجميع إلا هي بسبب انطوائيتها. والدها كلما كبر ونظر لها، يشعر بأنه ظلمها بجعل الآخرين يتدخلوا في حياتها بهذا الشكل، وكان يدرك أنه بِصَمته هو من أوصلها لهذه الحالة، لكن أدرك هذا بعد فوات الأوان. والدتها مع الكبر أدركت ظلمها لابنتها، خاصةً أنَّ سارة من مكوثها المستمر في المنزل أصبحت تتلعثم في الحديث، وأصبحت منغلقة على نفسها، حاولت أن تدفعها والدتها إلى أن تعمل، لكن مع الأسف أصبحت هنالك فجوة بينها وبين الحياة، ولم تستطع التأقلم مع الضغوطات وتحمل المسئولية، فَلم تستمر في العمل، وأكملت حياتها كما ربياها، على الانطوائية، وأدرك إخوتها ظلمهم لها، لكن لم يكن بأيديهم فعل شيء غير محاولاتهم لاحتوائها، فقد كانت ندم في قلب الجميع طوال حياتها بسبب ما فعلوه بها، والأسوأ.. لَم يستطيعوا أن يتلافوا ما فعلوه بها.
يا ليت الجميع يدرك عواقب اختياراته الخاطئة، قبل أن يسير في طريقٍ ليس له رجعة.
صفاء العيسوي.