في احدى المدارس المرموقة كانت هناك طفلة مُميَّزة تُدعى تغريد، كانت تمتلك من العمر ثمانية سنوات، ولكن منذ ذلك الحين كان يوجد اختلاف في تفكير تغريد، حيث أنها كانت عدوانية، وكانت تُحب الحريَّة بشكل مبالغ فيه. الجميع كانوا مندهشين من تفكيرها بهذا الشكل، وفي هذا العمر. كانت تشبه والدتها سيلا التي تتمتع بفِكر مُختلف، حيث أنها امرأة من طبقة راقية. سيلا أحبَّت رجل من طبقة متوسطة فتزوجته، ومكثت معه لأعوام، ظنَّت في بداية الأمر أنها تستطيع أن تتأقلم معه، ولكن بمرور الأعوام، وأثناء تلك الأعوام أنجبت تغريد، اختلف كل شيء وكبر الحاجز بينهما، اختلف الصحيح بينهما، فقد كان كل شيء يجده زوجها صحيح، تعتقد هي أنه تقييد لحريتها.
تأثرت ابنتها بهذا كثيرًا، وكانت تغريد شاهده علي شجارهما المستمر، وأثَّر هذا في نفسيتها كثيرًا.
ذات يوم قررت سيلا الطلاق من زوجها وتركِ تغريد معه، وبالفعل.. فعلت ما قررت، وذهبت دون أن تنظر خلفها، دخلت تغريد في اكتئاب حاد بعد ذهاب أمها، واستمر علاجها لأعوام.
بعد شفائها، تزوج والدها من أخرى، وأصبحت تغريد تعيسة. مرَّت الأعوام، والتحقت تغريد بكُليَّة الحقوق، وأصبحت محامية لطلاق النساء فقط، كأنها تنتقم مِمَّن فعل هذا بها وبحياتها التعيسة، بجعل الجميع تعيسًا مثلها؛ فقد كانت سند لكل امرأة تريد الطلاق، وكانت تفعل كل ما بوسعها، وفي بعض الأحيان كانت تَقبِل حالات من غير مقابل مادّي. عرض الكثير عليها الزواج، ولكن كانت ترفض دائمًا.
وذات يَوم، نظرَتْ للمرآه تصادفًا، وبدأتْ تلمس بداية تجاعيد وجهها، وجاء في عقلها ما كانت تحاول أن تتناساه دائمًا، أنها على حافة الأربعين، فسالت دموعها تلقائيًّا، ثُم استجمعت نفسها وهربت إلى العمل. إلى أن جاء يوم ميلادها، فلَم تكن تحتفل به، ولكن والدها قام بزيارتها ومعه هدية صغيرة لها، وعندما رأته عانقته وقالت: ''أنتَ تعلم يا أبي لا أحتفل بيوم ميلادي''!
اِبتسم والدها وقال: ''أعلم''، ثُم أمسك يدها وقال: ''ألم يحِنْ الوقت؟''
اندهشتْ تغريد وقالت: ''وقت ماذا؟''
قال والدها: ''أولًا وقبل أي شيء، أنا السبب لستِ أنتِ، أنا من فعل بكِ هذا، أنا الذي تزوجت امرأة حياتها لا تشبهني، لَم تكن هذه المشكلة الوحيدة؛ بل المشكلة أنّني أعلم بأني رجل لا أتنازل ليَمر المركب كما يقولون، أنا أريد أن أفعل ما أقول دائمًا، ولذلك.. لَم نصل لحل مشترك؛ فتطلقنا أنا ووالدتك، وكانت الضحية هي أنتِ، وليس أي ضحية، بل ضحية من وجعها جعلَتْ عائلات كثيرة تتوجع. كم من آآآه تسببتِ بها يا ابنتي، كم من منزل كنتِ سببًا في هدمه، إلى متى يا بنيّتي؟
ابتسمت تغريد ثم قالت: ''أنا امرأة علي حافة الأربعين، فقدتُ طفولتي و شبابي، لا أعرف معنى العائلة، كنتُ مختلفة في تفكيري منذ الصغر ولكنك لَم ترَ ذلك، تريد تغيير شيء راسخ منذ الطفولة في ثوانٍ؟ بعد أربعين عامًا يا أبي!
أعلم أنّك تقول لي هذا الآن لكَي أتزوج قبل فوات الأوان، منذ زواجك من أمي لم تكن صديقًا لي، وبعد زواجك من الثانية ابتعدتَ عني تمامًا يا أبي.''
ابتسمَت مجددًا، ثم قالت: ''أتَيت لي الآن وتقول لي إلى متى؟ لقد جاءت متأخرة كثيــــرًا يا أبي. أتريد سماع الجواب؟ إلي النهاية.''
واستمرت على تفكيرها حتى نهاية عمرها، فيا ليت الجميع يتفهم أبنائه قبل فوات الأوان، فعند فوات الأوان ليس أبناءكم فقط هم من يتأذون، بل جميع من يصادفهم، لأنهم يتقيؤون كرههم، وغلهم على الآخرين.
ليت الجميع يُحسن اختيار شريك حياته، الذي يستطيع السير معه إلي النهاية وهُم ممسكين بأيدي بعضهم البعض بابتسامة، فهؤلاء ينشئون أبناء متصالحين مع أنفسهم ومع الجميع.
صفاء العيسوي.
قصة رائعة وهادفة احسنت النشر
ردحذفرغم أنها قصة قصيرة لكن قصة هادفة اتمني لكي المزيد من التفوق والنجاح
ردحذفبرافووووو
ردحذف👌👌
ردحذفتحفه بجد وليها معني وهدف
ردحذفجميله اوووي
ردحذف👏🏻👏🏻👏🏻❤️
ردحذفاسلوب متميز في السرد وقصه لها أهداف بالنجاح والتوفيق احسنتي ايها الفتاه
ردحذفقصه هادفه قصيره حزينه تمثل جزء كبير من واقعنا المعاصر .. كل الثناء والشكر للكاتبه المتميزة علي الرقي في الكتابه
ردحذفلكي كل الشكر والثناء علي مجهودك المبذول لمناقشه رساله هامه وهادفه واساسيه من مشاكل مجتمعنا الحالي
ردحذفجميله نتمني مزيد من القصص الهادفة مثلها❤❤
ردحذف👏👏👏👏👏👏
ردحذفجميلة بالتوفيق دائما
ردحذف