البارت الثاني
علمت الفتاة أن هذا الشاب (سليم) يريد الاحتيال عليها، فقررت الانتقام منه.
ولكن ما الذي جعل سليم يريد الاحتيال على غمزة؟ ولماذا غمزة دونًا عن غيرها؟ وكيف غمزة ستنتقم منه؟
قبل توضيح هذه الأسئلة نتعرف على سليم.
سليم من عائلة متوسطة الحال، والده محامي ووالدته ربة منزل، عائلته في شجارٍ مستمر، منذ طفولته يخاف أن عائلته تنفصل، يمتلك أختان تزوجا لا يناسبهما للهروب من هذا المنزل، أصدقاؤه لا يريدون أت يقربوه منهم، ولكن هو يريد أن يكون صديقًا لهم؛ فذات يومٍ كانوا معًا ورأوا غمزة تحتال على أحد، فقال أصدقاءه لسليم: إذا أردت الاقتراب والدخول فينا فاحتال على هذه الفتاة.
فوافق بالطبع؛ لأنه لا يشعر بالقبول والثقة ويريد أت يتقبلوه أصدقاءه.
من لا يشعر بالأمان في منزله يبحث عن الأمان طوال حياته، ويتم استغلاله من قبل الآخرين.
ولذلك قبل سليم شرط أصدقاءه أن يحتال على غمزة، فعندما علما غمزة أن سليم يريد أن يستغلها أرادت الانتقام منه.
ففي اليوم التالي ذهبت إلى المكان الذي تحتال فيه على الناس، وجدها سليم وكما يفعل دائمًا قال لها: لا تفعلي، وحاول منعها.
تظاهرت غمزة أنها اقتنعت بحديثه، فقالت له: أنا أريد ترك الاحتيال، وبكت وقالت له أن مديرها بيعاقبها إذا لم تحضر له مالًا، أنت يمنعك لي تجعلني أعاقب، وعي تداوم بكاءها قالت له: أنقذني من هذا الظلام.
سليم عندما رآها هكذا تعاطف معها لدرجة أنه قال لها: سأعطي لكِ مالًا كل يوم لكي لا يفعل الرجل لكٍ شيئًا.
بالفعل أعطاها مال واستمر الحال على هذا الرضع لأيام.
غمزة جعلت سليم يتعلق بها، وحكت له ما حدث لها في حياتها، وعلم أن حياتها لم تكن سهلة على الإطلاق، خاصةً عندما علم أنها لا تعرف عائلتها وأنها تربت مع هذا الظالم الذي استغلها دائمًا، لكن غمزة لم تثق بسليم أبدًا عندما سمعت ما قاله عنها لإصدقائه، ولكن سليم تعلق بها بالفعل.
أتى يوم وعرض سليم على غمزة أن تترك هذا الرجل الظالم الذي يستغلها "حارث" وتأتي معه؛ لعدم ثقتها به ابتسمت وقالت: أنا أعلم كل شيء.
قال سليم: ما الذي تعلميه؟
قالت له: سمعتك وأنت تتحدث مع أصدقائك عني، أنا لا أسمح لأحد باستغلاله لي؛ لأنني بكل بساطة رأيت كل شيء في هذه الحياة، اذهب ولا تجعلني أراك مرة أخرى.
حاول سليم أن وضح لها أنه تغير بالفعل، ولكن بدون جدوى.
أن تحطم قلبٍ أمرًا سهلًا، ولكن تصالح ما أفسدته يستغرق الكثير من الوقت.
غمزة تأثرت بسليم من خلال معرفتها له، واقتنعت أن ما تفعله خطأ وأن نهاية هذا الطريق الذي تسير فيه الهلاك، ولكن ماذا ستفعل؟ هل يوجد لها أحد غير حارث؟ من سيساعدها على التغير؟
وهي جالسة في الطريق تفكر في كل هذا وجدت رجل مسن، سألها وقال لها: ما بكِ يا ابنتي؟
قالت: تركت الجميع؛ فتركت نفسي يا شيخي.
قال: ماذا تعني بهذا؟
قالت: تركتني أمي وأبي في الطريق، فأخذني وحل استغلنى في الاحتيال؛ فتركت نفسي أسير في هذا الطريق المظلم، لا أعرف كيف أعود، ليس لي طريق عودة ألجأ إليه.
قال: يوجد بالطبع.
قالت: كيف؟ قات لك ليس لي أحد.
قال: طريق الله للجميع، الجئي إليه وعودي إليه.
ثم قال: أنتِ قُلتِ أن عائلتي تركوني في الطريق، لا تحكمي على أحد حكم مسبق، لا تعلمي كيف أصبحت في الطريق وما هي قصتك.
قالت: يا شيخي، الناس لا يريدوني، يروني كوباءٍ؛ فانتقمت من الجميع بالاحتيال عليهم، يا شيخي، جاء شاب وقال لي سأخرجك من هذا الظلام، علمت أنه يريد استغلالي، كيف أخرج من هذا الطريق؟ لن يتركني حارث ولن يتركوني الناس، ليس لي مخرجًا للعودة.
يتبع...
صفاء العيسوي