جريدة لَحْنّ

رئيس مجلس الإدارة / عبير محمد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

ستنجح



ابتسم نصف ابتسامة عندما أجابته: "أنا نفسي أكون رائدة فضاء."

 لم تكن فقط نصف ابتسامة، بل كانت ابتسامة سخرية أراد هو تغليفها.

هند التي كانت فتاة عادية ليس فيها شيء يميزها سوى عوينها وخجلها المعهود.

- هند، أنتِ صحيتي إمتى؟ أنا كنت لسه جاية أصحيكِ.

* لا أنا صحيت من بدري، صليت الفجر وقلت أقعد أقرأ شوية.

- طيب يا قلبي يلا عشان تفطري.

كانت تلك أغلب أيامها، تستيقظ مبكرًا وتسبق من في البيت، لم تعتد أن تكون تقليدية، بل سعت دومًا لأن تكون مختلفة.

كانت متفوقة ولكن ليست الأفضل (ولم يضع أحدهم قاعدة للنجاح بأن يجب أن تكون الأفضل) في دراستها، وكانت تحلم دائمًا أن تصبح رائدة فضاء، وكلما قالت ذلك لأحد سخر منها، لكنها لم تجعل من الأمر بابًا للسخرية.

حاربت من أجل تحقيق ذلك الحلم الذي لطالما حلمت به دومًا.

- هند، أنتِ جبتي ٩٢%.

صمتت قليلًا ولم تجد إجابة، هي كانت تطمع في المزيد من أجل والديها، ولكن من قرن السعادة برقم أو بمجموعٍ عالٍ في الثانوية العامة، ووالدا هند كانا يعيا ذلك جيدًا.

 لم تكن هند الأولى، لكنها كانت راضية جدًا وتعلم أن نجاحها ليس مجموعًا ولا شهادة تفتخر بها؛ فهي تعلم جيدًا ماذا تريد؟ وكيف لها أن تفعل ذلك؟

التحقت هند بكلية العلوم وبدأت تسير إلى خطا حلمها، بعد انتهائها من الدراسة سافرت إلى أوروبا لتكمل دراستها وتقوم بأبحاثها في مجالات الفضاء.

لم تكن هند فتاة خارقة للعادة، ولا بها شيء مختلف، فقط سعت وراء حلمها ولم تيأس، حاولت جاهدة بكل ما تمتلك من قوة لتصل إليه.

لم تيأس ولم تتوقف عن السعي، وها هو ذلك اليوم الموعود الذي انتظره الجميع.

- أنا رجعت، بس مش هند بتاع زمان، هند جديدة، أنا بقيت معيدة في جامعة من أهم جامعات أمريكا.

* أكيد مش جاية تثبتيلي حاجة؛ لأنك عمرك ما سعيتي لأنك تثبتي حاجة لحد.

- أنا مش جاية أعلمك حاجة، الحياة كفيلة لأنها تعلمك، وأنت ليك حرية الاختيار، إما إنك تخضع للدرس وتتعلمه، وإما أنك تنساه وتتغافل عنه.

* ماشي خلاص أنا اتعلمت الدرس.

عاشت هند حياة لم تكن سهلة، لكنها كانت ممتعة.

لم تخضع هند لتلك الريح وتسير على هواها، كانت دائمًا تصنع هواها بنفسها.

مرت السنين وأصبحت تلك الفتاة عضو أساسي في أكبر وكالات الفضاء، أصبحت تشارك وبشكلٍ فعال في رحلات الفضاء، لكنها لم تصعد إليه بعد، مازالت الجندي المجهول الذي يختبئ في الأرض ليساعد في الصعود إلى السماء، حتى جاء ذلك اليوم.

- مارلينا مريضة النهاردة ومحتاجين  شخص مكانها فورًا، مفيش وقت الطويل على الرحلة، لازم نلاقي حد في أسرع وقت. ليرتفع صوتها في خجلٍ معهود، وترفع يدها وتقول: "ممكن أروح مكان مارلينا؟"

- أيوة طبعًا تقدري تسافري مكانها.

لم تنتهِ القصة بعد، هند مازالت تواجه الحياة بقلبٍ طيب ومشرق، لم تحزن على ما مضى ودائمًا تركز فيما هو قادم، عيناها مصوبة نحو هدفها ولا تحيد عنه.

ربما بدى الأمر سهلًا لكنه ليس كذلك؛ فقد عانت الكثير من الصعوبات من أجل تلك اللحظة.

وها هي قدمها تخطو أول خطاها على أرض القمر.


علياء قرني

عن الكاتب

Asmaa Almadany

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة لَحْنّ