استيقظت على صُراخ أخي وبكاء أُختي، عن هممهمة أبي لأمي كأنه يخبرها أنه لن ننجو اليوم.
لحظات ونسمعُ صوت يهز أرجاء منزلنا، ركضنا جميعًا؛ لنختبئ بين يدي والدينا، نقوم بـسد أُذنينا عن ما يصدره تلك الكتلة من الجسم الذي يطلقوه على ساحات أرضي ووطني، ازداد الضجيح وازداد صياح إخوتي وبكائهما، أبي يُقبل رأس أمي ويخبرها أن تهدئ وأن لا تخاف؛ لكي لا نخافُ نحنُ أيضًا، رأيتهُ وهو يمد يديه لخديها ليمسح تمرد بعض الدموع على خديها، أمسكت يداه وحدثته: أرجوك عزيري لا تخرج الآن، انتظر إلى أن يهدئ ما يحدث في الخارج.
أجابها: لن أنتظر وهناك من ينادي بـالخارج.
للحظه لمعة عيناه وقال: كوني حذرة يـا عزيزتي، انتبهي للأولاد جيدًا.
وغادر في الفور دون سماع رد من والدتي.
لم نعلم ما معنى كلامه لأمي، إلى أن حدث ما لم نكن نتوقع حُدوثه.
لحظات حتى امتلأ منزلنا بركام من التراب، لم نعد نرى شيء، لم نعد نشعر سوى بـحركة أيدينا العشوائية نبحث عن والدتنا وعن إخوتي، بعد تخبطات عديدة اجتمعنا ووقفنا لنهرب إلى إحدى الحجرات، ارتمينا في حضن والدتنا الذي أتسع لنا جميعًا، انتظرنا أبي ولكن ليس هناك شيء سوى تلك التنهيدات التي تصدر من إخوتي، لم أحتمل حال إخوتي وحال أمي وهي تنتظر أن يطل علينا والدنا، هممت بـالقيام مسرعة نحو ذلك الباب الذي لم يعد بابًا أساسًا من حُطامه وما حل به، متجاهلة نداء أمي أن أعود وأن لا أخطو خطوة خارج منزلنا.
وقفت في باب منزلنا لأرى شخص مرمي بوسط شارعنا، ملابسه مثل أبي، هيئتههُ كـأبي، لم ينطق فمي سوى بكلمة: أبي، أبي أرجوك عُد، لا تتركنا وحيدين.
وها أنا الآن في العشرين من عمري وعيناي لم ترَ شيء جميل بعد أبي، ليتها أخذت الحرب كل شيء وتركت لي أبي.
#سمية_ناصر