# الحلقـــة ـ الرابعـــة ـ عشـــــر.
# لريهــام ـ ناجــــــي
اشتقتُ إليك و تشوّقتُ إليك و اشتقتُك و تشوّقتُك و صبوتُ لك و تُقت إليك و طربتُ إليك و حننتُ اليك "
••••••••••••
ـ انتهى الليل بعد نهار يملاؤه الكلل، ومع بزوغ شمس اليوم التالي تمللت شامة في فراشها حتى استيقظت على ضوء الشمس الذي يتخلل الستائر البيضاء المعلقة على نافذة الغرفة، رمقت كيان التي كانت تنام جوارها، تفكر بما حدث البارحة، ارتسمت بسمة على محياها وهي تحمد الله بداخلها على نوم إبنتها بجوارها ومعها سالمة دون إصابتها بشيء يؤذيها، طبعت قبلة حنونة على جبينها وهى تمسد على شعرها بحنان أموي، نهضت من الفراش واتجهت للمرحاض لكي تعد نفسها قبل ذهابها للعمل؛ فاليوم ستذهب للشركة لعمل الصفقة التي أتت من أجلها لكي تنهي كل شيء سريعًا وتعود لكندا مجددًا، دلفت للمرحاض وغابت به بعض الوقت ومن ثم ولجت منه واتجهت إلى خزانتها وإلتقطت منها ثياب رسمية مناسبة للعمل، ارتدت ثيابها واتجهت للفراش لكي توقظ كيان وتجهزها قبل ذهابها للعمل وقبل مجيء تلك المربية التي طلبت من الإستقبال التابع للفندق بطلب مربية أطفال لكي تعتني بصغيرتها أثناء عملها بالشركة كي لا تتركها بمفردها، وبالفعل نفذ موظف الإستقبال طلبها وطلب لها إحدى المربيات وأخبرها بمجيئها غدًا في الصباح الباكر، دلفت بكيان للمرحاض وتركتها تغتسل و ولجت تعد لها ثياب من الخزانة، دلفت للمرحاض مجددًا وألبستها ثيابها وأخذتها لكي تمشط لها شعرها، لملمته لها في شكل كعكتين على جانبي الرأس وأردفت..
ـ كدا خلصنا يلا بقى نطلب فطار.
ـ كيان: يلا وه..
ـ قاطع حديثها طرق على الباب، اتجهت شامة وفتحته وتفاجأت من الواقفة أمامها، أردفت..
ـ شامة بتعجب: ضحى! بتعملي أيه هنا في الوقت دا؟!
ـ ضحى بهدوء: أنا المربية اللي حضرتك طلبتيها من المكتب.
ـ شامة بإبتسامة: بجد.. طب تعالي أتفضلي آسفة وقفنا نتكلم ونسيت أدخلك.
ـ ضحى بإبتسامة: ولا يهمك.
ـ دلفت ضحى وأوصدت شامة الباب خلفها ودلفت هى الأخرى.
ـ كيان بفرحة عندما رأت ضحى تدلف للغرفة: دودو أنتِ بتعملي أيه هنا؟
ـ شامة: كيان عيب اسمها طنط ضحى.
ـ ضحى: أنا وكوكو إتعرفنا على بعض إمبارح وبقينا أصدقاء صح يكوكو.
ـ كيان بفرح: صح يا دودو.
ـ قهقهمت شامة عليهما، اتجهت للباب الغرفة الذي طرق مجددًا وفتحته، وجدت أحد عاملي الفندق وبيديه عربة الطعام مُعدّة بأصناف كثيرة، أخذتها شامة منه وأوصدت الباب، اتجهت بالعربة للداخل وأردفت..
ـ يلا يا كوكو.. تعالي يا ضحى يلا افطري معانا.
ـ ضحى بإحراج: شكرًا.. كلوا أنتوا بالهنا والشفا.
ـ شامة: كدا هزعل منك.. يلا تعالي مدي إيدك.
ـ ضحى: لا و..
ـ قاطع حديثها كيان وهى عاقدة ذراعيها أمام صدرها وقاطبة ما بين حاجبيها بتذمر قائلة..
ـ لو مأكلتيش مش هاكل أنا كمان.. مش احنا بقين صحاب والصحاب بيعملوا كل حاجة مع بعض؟
ـ ضحى بإبتسامة: طب يلا عشان أنا جعانة
ـ قهقهت كيان و أردفت بفرحة: يلا
ـ إبتسمت شامة عليهما، اتجهت إليهما وقبعت وشرعوا في تناول طعام الإفطار، انتهوا من الطعام، أردفت شامة.
ـ انا همشي.. خلي بالك من كيان يا ضحى.. عارفة إنها شقية وهتتعبك شوية..
ـ ابتسمت ضحى ورمقت كيان ومسدت على شعرها بحنان وأردفت: كوكو شاطرة وهتسمع الكلام.. وهنقعد نلعب أنا وهى لحد ما أنتِ تيجي.. صح يكوكو؟
ـ ابتسمت كيان بفرحة طفولية وأردفت: صح.
ـ همت شامة بالحديث ولكن قاطعها طرق الباب، اتجهت وفتحته، وجدت ناديم الذي ألقى عليها تحية الصباح.
ـ ناديم: صباح الخير
ـ شامة: صباح النور.. تعالى أدخل..
ـ دلف ناديم وهو ينادي باسم كيان التي كانت تقبع مع ضحى، تفاجأ ناديم من ضحى ووجودها مع كيان وأردف بإبتسامة مشرقة..
ـ ضحى.. احم.. بتعملي أيه هنا؟
ـ أردفت ضحى بخجل: أنا المربية اللي مدام شامة طلبتها للكيان..
ـ أردف ناديم بسعادة اجتاحت ملامحه: بجد.. احم آسف.. اهلًا نورتينا..
ـ ابتمست ضحى بخجل واكتفت بهز رأسها..
ـ ضحكت شامة وأردفت: يلا يا ناديم.. هنتأخر
ـ رد ناديم بتيه وإرتباك: اه يلا هنتأخر.. انا هستناكِ تحت في العربية..
ـ ولج ناديم للخارج وتركهم بالغرفة بينما شامة التي كانت تضحك عليه، أردفت: يلا انا همشي عايزين حاجة؟
ـ أردفت كلًا من كيان وضحى: بالسلامة..
ـ قبلت شامة كيان وولجت للخارج حيثُ ناديم، وجدته واقف أمام سيارته، اتجهت إليه وأردفت.
ـ يلا عشان منتأخرش..
ـ أخرج صوت شامة ناديم من شروده مردفًا: يلا
ـ صعد ناديم أمام كرسي القيادة بينما شامة صعدت بالمقعد المجاور له، اقتاد ناديم السيارة في طريقه للشركة.
ـ فاق ناديم من شروده على سؤال شامة له..
ـ شامة بإبتسامة: بتحبها؟
ـ ناديم بإستفهام مصطنع: هى مين؟
ـ ابتسمت شامة ونظرت للجهة الأخرى: أنتَ فاهم قصدي يا ناديم.. بلاش تلف وتدور..
ـ تنهد ناديم وأردف بتيه: مش عارف.. تعجبت شامة من حديثه وأكمل.. لما بشوفها قلبي بيرقص وبيفرح وببتسم تلقائي أول ما عيني توقع عليها.. بس لسه موصلتش لدرجة إني أحبها.. أنا لسه شايفها إمبارح ومعرفش عنها حاجة.. بس تقدري تقولي إعجاب برقتها في الكلام وخجلها و...
ـ أردفت شامة ضاحكة عليه: يا راجل كفاية.. دا كله ومش عارف بتحبها ولا لأ؟
ـ وصل ناديم أمام الشركة، ولجت شامة من السيارة وإنتظرت ناديم حتى يقوم بصفها بمكان بعيد حتى لا تعوق طريق المشاة، اصطف ناديم السيارة واتجه إلى شامة التي كانت واقفة والصدمة والإندهاش يحتلان وجهها وهناك دموع مترقرقة بمقلتيها، أردف ناديم باسمها متعجبًا من حالتها تلك، فماذا حدث لها فكانت بخير منذُ قليل..
ـ ناديم بإستفهام وخوف عليها: شامة.. مالك في أيه؟ أنتِ بتعيطي!
ـ بينما كانت تقف شامة وكأنها بعالم غير العالم، لا تستوعب ما يدور حولها، لا يجول بخاطرها إلا ماضيها وما حدث معها من أربعة أعوام مضوا، فاقت من شرودها وأردفت بهدوء وتريث والدموع مترقرقة بمقلتيها..
ـ ناديم يلا نرجع..
ـ أردف ناديم بدهشة: نرجع فين يا شامة؟!
ـ قالت شامة بهدوء وهى مغمضة العينين والدموع تسيل على وجنتيها: يلا يا ناديم لو سمحت لأما أمشي أنا.. وياريت تلغي الصفقة دي أنا مش عايزاها.. وتحجز في أول طيارة رايحة على كندا..
ـ تفاجأ ناديم من حديثها وأردف بدهشة: شامة أنتِ عارفة بتقولي أيه؟! الصفقة دي مهمة جدًا للشركة وهتنقلها ناقلة تانية.. وانتِ عايزة تدمري كل حاجة كدا بالسهولة دي.. مستحيل أخليكِ تعملي كدا يا شامة..
ـ أردفت شامة بصراخ: ناديم لو سمحت أعمل اللي قولتلك عليه بدون نقاش.. ودي شركتِ وأنا حرة فيها وأتصرف فيها زي مانا عايزة يا ناديم.. ملكش دعوة بأي حاجة لا شغلي ولا حياتي متتدخلش لو سمحت.. وألغي العقد والصفقة دي مش عايزاها تتم..
ـ أردف ناديم بلوعَة وإنكسار: حاضر كل اللي أنتِ طلبتي هيتنفذ يا شامة هانم.. وآسف على تتداخلي في شغلك.. تؤمري بأي حاجة تانية.. ويلا عشان أوصل حضرتك للفندق وأعمل زي ما حضرتك قولتِ..
ـ تنهدت شامة بضيق من نفسها ومما تفوهت به لناديم، فهى تمادت معه كثيرًا، فهو دائمًا ما ساندها ووقف بجانبها في أوقاتها العصيبة، وكان معها بكل شيء قامت به منذُ سفرها لكندا وكان معها منذُ بدايتها في تأسيس الشركة الخاصة بها، كان له الفضل بعد الله في نجاح الشركة وزيادة فروعها.
ـ همت شامة بالحديث ولكن قاطعها صوت من خلفها هي تعرفه جيدًا أردف بصدمة إجتاحت ملامحه.
ـ شـــامـــــة!!!
••••••••
ـ فينك يابني أتأخرت ليه كدا؟
ـ قالها مازن وهو جالس على مكتبه من الأعلى متربع القدامين وكأنه جالس على مصطبة أمام منزله وليس بمركز شرطة..
ـ أجابه حمزة الذي كان يقبع بسيارته أمام عجلة القيادة مقتادها إلى مقر عمله مردفًا: أنا جاي أهو عشان نبدأ في المهمة بتاعت عصابة تجار الأعضاء.
ـ مازن: طيب مستنيك..
ـ أغلق حمزة الهاتف ووضعه بجواره وانتبه للطريق أمامه..
ـ وصل حمزة أمام المركز، اصطف سيارته ودلف للداخل، قابل أحد العمال الذين يعملون بالمركز وطلب منه عمل كوب من القهوة له ومناداة مازن، ذهب العامل ليُنفذ ما طُلب منه، ولج حمزة إلى مكتبه وقبع على كرسيه في إنتظار مازن، أسند بمرفقيه على مقعده وأرجع ظهره للخلف وهو يتنهد بثقل، فهناك ثقل بقلبه يعيق مجرى تنفسه، ينتظر ذاك اليوم الذي يتخلص منه فهو يشعر بأن ذاك اليوم قريب، فاق من شروده على دلوف مازن وهو يردف..
ـ حموزي حبيبي.. أبو العيال..
ـ رمقه حمزة ببرود ولا مبالاة وأردف: أترزع وأنتَ ساكت وبلاش لت وعجن..
ـ رمقه مازن بنظرة مستنكرة وأردف بصوت هامس: قفل.
••••••••
ـ حجزتِ الطيارة يا مريم؟
ـ قالتها سناء وهى تجلس بجوار مريم التي كانت تعبث بهاتفها قابعة على الأريكة..
ـ إنتبهت لها مريم وتركت الهاتف من يديها وأردفت: ايوا يا ماما.. تنهدت وأكملت.. وهيثم هيسافر معانا.. عشان يقضي الوقت دا مع أخته ومامته بما إننا في أجازة..
ـ هزت سناء برأسها وأردفت: حاضر.. ربنا يستر.. مش عارفة قلبي مقبوض ليه..
ـ مدت مريم يديها وربتت على فخدها وأردفت: بإذن الله كل حاجة هتكون كويسة يا ماما.. متتعبيش نفسك أنتِ في التفكير.. عشان صحتك يحبيبتي..
ـ قالت سناء بشرود: ربنا يستر
••••••
ـ بجد يا هيثم هتنزل يحبيبي؟
ـ أردفت بها حبيبة التي كانت جالسة على الأريكة بغرفتها..
ـ أردف هيثم ببسمة لسعادة شقيقته: ايوا يحبيبتي هنزل إن شاء الله.. ومش لوحدي كمان..
ـ أردفت حبيبة بإستفهام وتعجب: مش لوحدك أزاي يعني؟!
ـ قال هيثم بهيام في محبوبته: هنزل ومعايا مريم خطيبتي..
ـ أرتجف قلبها من ذكر اسم مريم مردفة: هى خطيبتك اسمها مريم؟!
ـ قال هيثم بإبتسامة ارتسمت على محياه من ذكر اسمها: ايوا.. نسيت أقولك على اسمها من آخر مرة أتكلمنا..
ـ أردفت مريم وهى تقول بداخلها لابد وأنه مجرد تشابه بالأسماء لا أكثر وهكذا أقنعت نفسها: حصل خير.. وأكملت بإبتسامة.. و أهو أديك هتجبها معاك وهتعرف عليها بشكل شخصي..
ـ أردف هيثم وهو يبتسم: إن شاء الله يحبيبتي..
ـ قالت حبيبة وكأنها تذكرت شيئًا: صحيح.. إتصلت على ماما وقولتلها إنك جاي؟
ـ أردف هيثم بتحذير: لا أنا عاملهلها مفاجأة.. أوعي تقعي بلسانك قدامها يحبيبة..
ـ ضحكت حبيبة وقالت: متخافش مش هقولها حاجة.. بس تعالى أنت بالسلامة..
ـ أردف هيثم وهو يستسرعها: يلا يحبيبتي أنا هقفل عشان عندي شغل لازم أخلصه قبل السفر وهكلمك بعدين.. عايزة حاجة؟
ـ حبيبة: سلامتك يحبيبي..
ـ أغلقت الهاتف ووضعته بجوارها وتنهدت وأردفت بشرود: حـمــزة.. أوعدك هخليك تحبني وتنسى اللي اسمها شامة دي.. وسارة أم صورم هى وأمها دول أنا اللي هقفلهم وأوريهم.. قال عايزة تاخدك مني دا بعينها..
••••••••
ـ شــامـــة!! أنتِ هنا!
ـ إلتفتت شامة بلهفة لمصدر الصوت وأردفت بصدمة: عمي!
ـ اتجه إليها سامح والد حمزة بخطوات متثاقلة، فهو لا يصدق ما تراه عينه، تلك التي تركت ابنه منذُ أعوام، تركته يتعذب ويتألم في غيابها ها هى واقفة الآن أمامه، متى عادت، هل عادت لتفارق و تؤلم ابنه مجددًا؟، وقف أمامها وأردف بإستفهام وصدمة..
ـ شامة! أيه اللي جابك هنا وبتعملي أيه؟ أكمل بحدة، وراجعة ليه تاني، راجعة عشان تدمري حياة أبني أكتر ما هى متدمرة في بعدك عنه، حمزة أبني يا شامة مشافش ولا يوم عدل من يوم ما سيبتيه ومشيتِ، منسكيش ثانية، مفيش على لسانه غير شامة، ومفيش في قلبه وعقله غيرك، لو راجعة عشان توجعيه أكتر، ياريت ترجعِ مكان ما جيتِ، وأبعدي عنه أحسن ليكِ و ليه.
ـ كانت شامة واقفة ليست عابئة بما يحدث حولها، كل ما يجول بخاطرها حمزة وأيامه التي قضاها بدونها يتألم بها والدموع تذرف من مقلتيها كالسَريّ يتألم قلبها على معشوق قلبها، فاقت من شرودها على هزات سامح لها، رمقته بتيه وكأن عقلها لا يستوعب ما يحدث وأردفت بصوت هامس به غصة مريرة.
ـ حـ حــمــــزة..
# يُتبــــــــــــع...