في تمام الثانية والنصف صباحًا، في الرابع من أغسطس، في العام الثاني والعشرون من الألفية الثالثة، يُمكنني توثيق هذه الليلة بأنه قد تم إختلاسي مني، ولم أستطع العثور عليَّ بعد، ولم أستطع تجاوز هذه الليلة التي عُدت فيها إلى المنزلِ بعد أن تركت نِصف روحي خارجًا، بعدما تَوَّجتُ حور جنان الأرض لِبعلِها، وزُفت معهم روحي التي هاجرتني حينها، عُدت إلي غُرفتي التي شَهدتُ حالها لأول مرة يبيتُ فيها جسدٌ واحد، خالي الروح، وحينها كانت الأرض لم تَسِعْ سعادتي، وقلبي مكتظ بضجيج حتى كاد أن ينفجر، غريب ألَّا يسعني من كل الاتساع إلا عناقكِ، أنا حتى لا أطيقُ اجترار ذكرى هذه الليلة، تدمع عيناي وقلبي حين أجدني وحدي في المواقف التي اعتدتها معكِ، كانت قدماي تؤلماني وكأن مفاصلي تصرخ، ولكن كَسْر قلبي كان أعمق، خِزانة ملابسكِ باتت خالية، وبعض أغراضكِ وأدوات تجميلكِ التي كانت عديمة الجدوى مبعثرة، وقلبي أيضًا، أتمسك بأغراضكِ التي بقيت معي، حقًّا أنا لا أبالغ ولكني اليوم بكيتُ كثيرًا حين وجدت راحتكِ قد بدأت تبهت من ملابسكِ التي كنتُ أبيت في عناقها بعدكِ، وكأني أتمسك ببقاياكِ التي أكملت معي، حينها ظن الجميع أنني فقط أبكي لكون الفراق يتطلب بكاءً، ولكن حينها بكت عيناي لِهُجرانكِ، وقلبي لم يستطع أن يتنهد بعد، منذُ هذه الليلة وأنا بِتُّ غريبًا عني، أشعر وكأن مأوىً قد أغلق بابه في وجهي، حتى الآن لم أستطع أن أتجاوز عِناقكِ الأخير الذي أفلتُّه بالكاد، يرى الجميع أنني بِتُّ بلا وحيدتي الصغيرة، ولكن أنا من زَفَّ سعادتهُ خارجًا، وآوى إلى ظهر الباب يُكفكف دموعه بكفين يرتجفان، وغدوتُ من حينها خارج عنائكِ في بيتي بلا وطن.
بقلم/أسماء غريب