جريدة لَحْنّ

رئيس مجلس الإدارة / عبير محمد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

اسكريبت"خذلني المراد وداوى قلبي الوسيم" بقلم الكاتبة نورهان ناصر. |جريدة لَحْن الأدبية والأخبارية



د/رامي: مبارك يا حياة، عملية أخرى ناحجة مع إنها كانت بالغة الخطورة. 
حياة بثناء: تلميذتك يا دكتور. 
خرجت حياة متوجهة إلى مكتبها مع الكثير من التصفيق ونظرات مختلطة من الغيرة والتقدير من جميع العاملين بالمستشفى. 
دخلت حياة غرفتها؛ لتستريح قليلًا، ثم طرق الباب.
د/ وليد: ممكن أدخل؟
حياة: اتفضل يا دكتور وليد. 
د/وليد بغزل: أحسنتِ عملًا، إنجاز آخر وعملية قلب أخرى ناجحة، كعادتك ماهرة وجميلة و... 
حياة مقاطعة له: دكتور وليد متحاولش، أنا قُلت لحضرتك مفيش ليك فرصة معايا، خلاص بقى، اتفضل بعد إذنك، عايزة أرتاح شوية. 
د/ وليد: طب اديني فرصة بس اثبت حبي ليكِ، متحكميش عليا كدا. 
حياة بتأفف: يوه بقى، ما قُلت ليك متحاولش، أنا وأنت عارفين كويس إنك من الرجالة اللي دايمًا بتبص على اللي  مش ملكها، ومش بتقدر اللي بين إيديها، وأنا مش هكون لواحد بيبص لألف واحدة في الدقيقة الواحدة. 
د/ وليد بغضب: حياااة. 
حياة بنظرة جادة بغضب: أنا مش بقبل أكون لواحد يبص لغيري وأنا معاه، أنت من أسوأ أصناف الرجالة بالنسبالي، اتفضل لو سمحت عايزة أرتاح. 
خرج وليد وهو يتوعد في سره حياة بالاذى على ما قالته له، وعيناه كلها شر.
طرق الباب مرة أخرى. 
حياة: يووه، مش قُلت عايزة أرتاح بقى! 
د/ رامي: يعني آجي في وقت تاني؟
حياة بخجل: آسفة يا دكتور رامي، اتفضل، بعدين بتخبط ليه وأنت داخل مكتب تلميذتك وبنتك؟ حضرتك عارف بعتبرك في مكانة بابا الله يرحمه. 
د/رامي: أنا فخور بيكِ أوي يا بنتي، وفخور إنك بتعتبريني زي باباكِ، يمكن ربنا مرزقنيش بالولاد بس عوضني بيكِ. 
حياة: ربنا يخليك لينا يارب يا دكتور.
د/رامي: ها بقى، كنتِ متعصبة ليه وأنا جاي؟ 
حياة: لا مفيش، كنت فاكرة حضرتك دكتور وليد بس. 
د/رامي: طيب مش هتديه فرصة يا بنتي؟
حياة: لا يا دكتور، حضرتك عارف أنا أد إيه بكره الرجل اللي مش بيحترم وجود الإنسانة اللي معاه.
د/رامي: طيب إدي نفسك فرصة، وانسي تجربتك مع مراد و... 
حياة مقاطعة للدكتور رامي: دكتور، لو سمحت متجيبش سيرة الإنسان دا تاني، أنا بكرهه وبكره سيرته. 
د/رامي: خلاص متعيطيش حقك عليا، هسيبك تريحي أعصابك.
حياة ماسحة دموعها: تمام، شكرًا يا دكتور لتفهمك الوضع. 
خرج دكتور رامي واتكأت حياة على كرسيها متذكرة الماضي. 
Flash back   ...
حياة: بابا بابا، أنا نجحت خلاص، خلصت كلية الطب وبتقدير حلو أوي يا بابا. 
الأب بكل سعادة محاولًا رفع يديه؛ ليضم ابنته: ألف مليون مبارك يا ملاكِ، عارفة لو بصحتي كنت شيلتك ولفيت بيكِ الدنيا كلها. 
وظل يتحدث ودموعه لا تفارقه من شدة السعادة. 
حياة: متقولش كدا يا بابا، أنت كويس وبصحة حديد. 
الأب: حديد! فين يا بنتي بس؟ أنا خلاص قربت ألحق بوالدتك الله يرحمها. 
حياة ببكاء: بالله عليك يا بابا متقولش كدا، أنا مليش حد غيرك في الدنيا، لا أخ ولا أخت ولا قرايب حتى. 
الأب: وعشان كدا يا حبيبة قلبي عايز أطمن عليكِ مع حد أعرفه. 
حياة باستغراب:  تقصد إيه يا بابا؟ 
الأب: أنا وعمك محمود قررنا إنك أنتِ ومراد ابنه هتتجوزوا، وعارف إنك متعرفيش مراد، بس هو الوحيد اللي لينا وأقدر أسيبك معاه. 
حياة: أنت بتقول إيه يا بابا؟ دا مستحيل. 
الأب وقد بدى عليه التعب: يا بنتي متتعبنيش أكتر علشان خاطري. 
حياة باستسلام: حاضر يا بابا. 
مرت الساعات بسرعة وحياة في دوامة من التفكير، وتم الزواج دون أن تنظر حياة لمراد ومراد كذلك. 
دخلت حياة لغرفتها ونامت وسط دموعها المنهمرة وشهقات تكاد تفتك قلبها متمنية أن يكون هذا كله مجرد كابوس.
صباحًا طرقت غرفة أبيها ماحية دموعها: صباح الخير يا باباـ يلا اصحى علشان تفطر وتاخد علاجك.
 كررت جملتها؛ لكن دون رد من أبيها، ثم توجهت إليه ولخبرتها الطبية سريعًا ما أدركت أنه فارق الحياة، بصوت كاد أن يختفي ونفس يخرج بصعوبة، حياة تقول: بابا، اوعَ تسيبني يا بابا، أنا عملت اللي قُلت ليا عليه علشان متزعلش؛ فمتزعلنيش وقوم، اوعَ تسيبني، أنا بحبك، مليش غيرك، مش كفايا ماما سابتني بدري؟ حرام عليكم تسيبوني أنتم الاتنين كدا.
وتم دفن الحج محمد والد حياة، وبعد مرور شهر من وفاته. 
العم: حياة يا بنتي، احنا مش هنقدر نعمل فرح طبعًا؛ بسبب وفاة محمد أخويا، وبرضو مش هينفع تقعدي وحدك أكتر من كدا ، تعالي على بيت جوزك ونبقى نعمل حفلة على الضيق بعدين. 
حياة بسخرية: جوزي! هو فين جوزي دا اللي حتى دفن عمه محضرهوش؟! 
العم: هتفهمي كل حاجة بعدين، يلا جهزي هدومك ومستنيكِ تحت. 
حياة باستسلام: حاضر يا عمي. 
ذهبت حياة لبيت زوجها، وجدت شخصًا لا تعرفه كان يبدو حسن المظهر؛ لكنه على كرسي متحرك، تساءلت هل هذا هو أم لا؟
قاطع تفكيرها صوته قائلًا: أنتِ حياة؟ تبدين جميلة. 
حياة بخجل: نعم؟
مراد بتوتر: أقصد عاملة إيه، أحب أعرف بنفسي، أنا مراد ابن عمك. 
حياة: أنت مراد بجد؟! وليه أنت على كرسي متحرك؟ 
مراد بحزن: أيوة أنا مراد، خريج كلية هندسة، من سنة عملت حادثة شلت النصف السفلي، عندي كله وعايز عمليه غالية أوي، والكل اتخلى عني وبابا ملقيش حد يعولني؛ فجوزك ليا، وحتى باباكِ مكنش يعرف إني...إني عاجز؛ لأن بابا قاله إن في رجلي كسر بس، وأنا مش هظلمك، هي سنة وهديكِ حريتك، أنتِ مش مضطرة تعيشي مع حد زيي. 
حياة بشفقة وامتنان: شكرًا أوي يا مراد، وأنا هشوف شغل قريب أوي ومش هكلفك حاجة خالص. 
مراد: متقوليش كدا، أنتِ بنت عمي وهو وصاني عليكِ، كان قلبه حاسس إنه هيسيبك. 
حياة بدموع غزيرة اتجهت لإحدى الغرف وظلت تبكي؛ حتى غفت. 
مر شهر وكان مراد يعامل حياة بكل لطف، أعجب بها وبشخصيتها وملامحها الجميلة، وهي كذلك تعلقت به، كان أول رجل تدخله إلى قلبها؛ فقد جعلها تحب نفسها وتحب الحياة، أحبته لدرجة أنها لم ترَ غيره في حياتها، لم تخبره بذلك؛ لأن لها شخصية صعبة التعامل تخشى الخذلان، وحتى مع اعتراف مراد لها أنه يحبها لم تكن أبدًا تبادله شعورها الحقيقي تجاهه.
مراد كان غارقًا في أفكاره والحزن يبدو على وجهه. 
حياة: مالك يا مراد، زعلان كدا ليه؟
مراد بدمعه فارة من عينه: مش عارف أقولك إيه؟ بس أنا حزين على نفسي أوي، نفسي أرجع طبيعي وأعيش حياتي زي الناس.
حياة بكل أسى على حالته: هترجع كويس يا مراد، هتعمل العملية وهتقوم تمشي تاني.
مراد بحزن: إزاي بس؟ أنا مش معايا تكلفتها يا حياة. 
حياة: بإذن الله هتتحل، بس يلا ارتاح وبكرة هنشوف حل. 
استيقظت حياة مبكرًا ثم خرجت للقاء عمل في إحدى المستشفيات الخاصة، والتي قبلت بها على الفور؛ بسبب مؤهلاتها العالية.
حياة: ممكن أقابل مدير المستشفى لسبب ضروري لو سمحتِ؟ 
السكرتيرة: حاضر، اتفضلي استني هنا هبلغ حضرته وأرد عليكِ. 
حياة: شكرًا على ذوقك. 
بعد دقائق السكرتيرة: اتفضلي يا دكتور حياة، دكتور رامي مستنيكِ.
د/رامي: اتفضلي يا دكتور حياة، طلباتك. 
حياة بتوتر: دكتور رامي، أنا عايزة أطلب طلب مش عارفة هينفع ولا لا، بس هو ضروري، أنا عايزة أعمل عملية لجوزي في المستشفى وتكلفتها هسددها من فلوس عمليات القلب اللي هعملها، ومستعدة أمضي على أي عقد لحضرتك.
د/رامي: وأنا موافق يا دكتور، بس أتمنى تكوني عند حسن ظني فيكِ في شغلك. 
حياة بسعادة: أوعدك هكون عند حسن ظنك. 
بعد عدة شهور من إجراء العملية وحياة تعمل بكل جهد لسداد المبلغ، وسرعان ما انهت كل المبلغ؛ بسبب كفائتها ومساعدة الدكتور رامي الذي أصبح كوالد لها وجعلها من أكفئ الدكاترة في عمليات القلب.
لكن سعادتها لم تدُم؛ حيث أن مراد تغير عليها كثيرًا، اكتشفت حقيقته أنه رجل لا يقدر الحب؛ حتى أنه لم يقدر ما فعلته من أجله، واتضح أن كل كلامه لها في فترة مرضه لم تكن حقيقة، فقد تركها فور تمام علاجه وبعث لها أوراق الطلاق وخطب فتاة أخرى. 
عاشت في صدمة حياتها، كانت تبكي ليل نهار، لا تدري أتلومه أم تلوم نفسها لأنها أحبته؟ لكنها أقسمت ألا تسامحه على ما شعرت به من ألم وحزن، فقد كسرها وتركها؛ بسبب غباءه، كما أنها أقسمت ألا تحب أحدًا مرة أخرى، وأن تعيش حياتها في عملها فحسب. 
Back...
فاقت حياة من ذكرياتها المؤلمة ماحية دموعها ومتجهة؛ حتى تعود للمنزل، لكنها فور خروجها من المستشفى إلا وأطلق أحدًا ما عليها النار، أصابتها رصاصة أدت إلى إصابة بالغة، وكانت ستقع على الأرض، إذ بشخصٍ لا تعرفه أتى فضمها وحملها مناديًا على أحد الممرضين أن يسرعوا بسرير وغرفة عمليات، وغابت عن الوعي وأجرِيَت لها العملية بنجاح، ولكنها ظلت لعدة أسابيع في غيبوبة. 
فاقت من الغيبوبة على وجه ذاك الشخص الذي حملها عند إصابتها، كان جالسًا بجانب السرير يحدق بها، وعند إفاقتها أجرى لها الفحوصات. 
د/وسيم: الحمد لله على سلامتك يا دكتور حياة، أخيرًا أفقتِ. 
حياة باستغراب: حضرتك مين؟ وتعرفني إزاي؟
د/ وسيم: أنا دكتور وسيم، الدكتور الجديد هنا في المستشفى، وأنا اللي أجريت لكِ العملية، حضرتك معروفة بين كل الأطباء، إزاي معرفكيش؟ أنتِ غنية عن التعريف طبعًا.
حياة: شكرًا على تعب حضرتك معايا الفترة اللي عدت.
مرت عدة اسابيع، أعجب الدكتور وسيم بالدكتور حياة وتقدم لخطبتها؛ لكنها رفضت خوفًا من تكرار التجربة السابقة، لكنه كسر حاجز خوفها عندما أثبت أنه رجل وفيّ وليس من أولئك الخونة، وقد أثبت ذلك عندما حدث شجار بينه وبين دكتور وليد؛ حينما رفع دكتور وليد صوته على إحدى الممرضات فدافع الدكتور وسيم عنها وإعطاه درسًا عن احترام السيدات، وتطور الشجار بينهما وأمسك كلًا منهما الآخر. 
د/ وليد: أنت من يوم ما جيت المستشفى وأنت دمرت كل حاجة بعملها؛ حتى دكتور حياة بتحاول تخطفها مني.
 وذل لسانه واعترف أنه من استأجر ذاك الرجل؛ ليطلق النار عليها ليعلمها درسًا عما قالته، وقد محى كل تسجيلات المستشفى؛ حتى لا يعثر على المجرم ويعترف عليه. 
د/ وسيم وقد شاط غيظا عندما علم أنه السبب في أذية حياة، وهام به ضربًا؛ حتى أفقده وعيه، وأدخله السجن؛ بسبب كل جرائمه. 
مرت أيام وقد استطاع دكتور وسيم أن يعيد ثقة حياة مرة أخرى، وتقدم لها مرة أخرى وطلبت منه أن يتركها  فترة؛ حتى تفكر. 

ومع ضغط زميلاتها والدكتور رامي عليها؛ حتى توافق، وافقت بصعوبة على الزواج من الدكتور وسيم، وكان عرسًا هائلًا، وقد فاجئها الدكتور وسيم أثناء العرس قائلًا: فضلًا! أريد أن أخبر حياة شيئًا أمام الجميع.
 أنصت الجميع له وهو يقول لها بكل حب واضح في عينيه أنه أحبها منذ كانا معًا في كلية الطب، فقد كان في الصف الثالث حينما التحقت حياة بالكلية، ولكنه لم يجعلها تعلم بحبه؛ حتى أنها لم تلحظ وجوده معها أبدًا، لكنه ظل يدعو بها في كل سجدة، أحبها بصدق كبير، وأمسك يديها وقبلهما قائلًا: أنتِ لي الحياة يا حياة، أنتِ حبي الأول والأخير والأزلي، ستظلين هوائي الذي أستنشقه، ونبض قلبي الذي ينبض داخل صدري، أحبك يا ملكة قلبي، أحبك يا حياتي.

بقلم/نورهان ناصر

عن الكاتب

Aamal Hosny

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة لَحْنّ