في باطنُ الأرض لم يسكنه سوى تلك الظلمات، هنا حلّت العتمة؛ حتى امتلأت تلك الفراغات تمامًا، ومع ذلك؛ فهي تبقى متحمّلة وبقوة هذه الدواب التي تسرقُ الخطواتِ على سطحها وهي مهرولة، هكذا كانت قلوبنا من الداخل، أصبحت عبارة عن سجادةٍ قديمة قد مرّت عليها جميع الضغوطات، كلما نفضتها لم تجدْ سوى آثار وقع تلك الخطواتِ الوقحة الجريئة؛ ففي كل لحظةٍ تمر يظهر شِقٌ جديد؛ حتى تصدّعتْ جدرانها؛ فبدت لكَ وكأنّها على وشك الانهيار، لكنّها رغم كثرة تلك الندوب التي تحيطُ بها؛ مازالت متماسكة، صلبة كالحجارة؛ فالنيران تحرق لكنّها بالنهاية هي من تصنع القسوة، تجعلُك بتلك القوة، تحوّلك إلى كائنٍ لم تعدْ تأسره الصعوبات، رغم أن آلامه فتكت بقلبه ولا تزال؛ لكنّه حطّم سلاسلها، فكّ قيده، وها هو الآن حرٌ طليق، رغم أن قلبه مليء بجراحٍ عميق، لكن لم تعد تهمه آلام قلبه؛ فقد تخدر إحساسه بالكامل، (من تزاحمها بقلبه، وتكاثرها على بابه)؛ فعيناه كانتا تبكيان، مع كل رعشة انتفض لها جسده، وهي صادرة من قلبه، لكنّه أعطى هذا القلب الجهول درسًا بأن يعزف تلك الأحزان جاعلًا منها لحنًا اسطوريًا قد حُفرَ في كتاب الزمان، وبذلك تكونُ آلامه صانعة أمجادِه.
بقلم آلاء رأفت