إذا عاد الحبيب تكون عودته بمثابة عودة الروح للجسد بعد انفصالها عنه، وهنا تبدأ ترانيم الحياة باللقاء، بالجاذبية الروحانية، بالتوحد، فيحلو كل مُر، ويعذب كل مالح، وتلمع العيون ببريق الأمل والسعادة، وتعزف أوتار القلب أعذب الألحان، ويأتي الربيع قبل الأوان وتذوب كل الآلام وتتلاشى الأحزان، ويصبح لون العالم وردياً، وتتلون الأشياء بألوان الزهور وتتعطر برائحة السعادة التي هي أجمل وأزكي من أغلى أصناف العطور، ويشعر الإنسان بأنّ له جناحان قويان يطير بهما ويعلو فوق السحاب، حيث لا عذاب ولا عتاب وحيث ينهل من الحب بلا حساب، فما أحلى اللقاء بين الأحباء بعد الفراق والغياب. منذ افتراقنا وأنا لم أعد أرى للكون أي ألوان، ولا أسمع أصواتاً سوى نبضات قلبي المتسارعة التي تهمس باسمك في كل دقة، أنام لأراك هناك تنتظرني كما كنت تفعل دوماً، أستيقظ لأجدني وحدي أنتظرك دون أن أمل، وسأظل في انتظارك حتى ألقاك ، فنحن لا نستطيع أن نقدر أو نتصور مدى السعادة واللهفة التي تحدث عند لقاء الأحباب بعد الفراق والغياب، دون أن نشعر بمدى الألم والحزن والعذاب عند الفراق، حيث تصبغ الأشياء جميعها باللون الرمادي، فإذا غاب الحبيب أصبحت الكرة الأرضية بيابسها ومياهها ضيقة كثقب الإبرة المعتم في عين الطرف الآخر، وأصبح العالم كله فارغاً حتى من الهواء، فاللقاء يعني السعادة الغامرة وتدفق الحب بكل معانيه، وتلاحق نبضات القلب عازفة أجمل سيمفونية حب، وحيث يجد المحب ذاته التائهة التي تلاشت مع فراق الحبيب، فالحب توحد لشخصين روحاً وجسداً وفكراً، وتلقائية بلا تحفظ وبلا رتوش، وأيضاً جاذبية قوتها تفوق قوة الجاذبية الأرضية بأضعاف مضاعفة .
بقلم روناء علي محمد
تيم رونق
كيان عقول متفتحة