قد سقطتُ مراتٍ عدة في القاع، وكنت مع كل مرة أظن أنها النهاية، ليفاجئني الله بالصمودِ بعد الإنكسارِ، والإنتصارِ بعد الهزيمةِ، واللذةِ بعد المرارةِ، لا أعرف كيف رأيتُ نهايتي كل تلك المرات ومع هذا لم يفنى عمري، وكيف استنشقتُ الهواء بعد كل ذلك الغبار الذي أصاب رئتيَّ، تسعة عشر عامًا أسقطُ فيهم وأقفُ ولا أعرف من أين تأتيني تلك القوة، تسعة عشر عامًا زعمتُ فيهم كل ليلة أنني لن أستيقظ ولكنني أستيقظ بنشاط وروحٍ جديدة، كل مرة ظننتُ فيها أنني لن أُجبر قد جُبرت، وكل مرة أخبرتُ نفسي أنني على حافة الانهيار وجدتني صامدة، ثابتة، وقوية، كل مرة زعمتُ أنني وحيدة أرسل الله لي من روحه؛ ليُطمئنني ويُصلح خدوش قلبي، وأنا هنا لأخبرني أنني أُصلحت بعد كل تدهور، وكل هذا كان بفضل الله أولًا ثم دعوات والدتي في منتصف الليل والناس نيام؛ فيا الله قد أصاب روحي عفنٌ أيضًا هذه المرة، وأنا من ألقت بنفسها في التهلكة هذه المرة، وأن روحي مفتتة إلى أجزاء؛ فأَذْهِلني بجبر عظيم ككل مرة، وداوي كل تلك الآهات المحشوة بأنفاسي اللاهثة، وضمِّد ذلك الثقب العميق بقلبي، واحفظ روحي داخل جسدي آمنة؛ فإنني أشعر بخروجها بهدوء مؤلم مني؛ فعالجني يا رحيم، عالجني يا كريم، عالجني واجبر بخاطري.
*_وفاء طارق_*